22 - ذكر ابن جامع وخبره ونسبه
  وشاهدنا الجلّ(١) والياسمي ... ن والمسمعات بقصّابها(٢)
  وبربطنا(٣) دائم معمل ... فأيّ الثلاثة أزرى بها
  تنازعني إذ خلت بردها ... معطَّرة غير جلبابها
  فلما التقينا على آلة ... ومدّت إليّ بأسبابها
  / الشّعر للأعشى أعشى بني قيس بن ثعلبة. وهؤلاء الذين ذكرهم أساقفة نجران، وكان يزورهم ويمدحهم، ويمدح العاقب والسيّد، وهما ملكا نجران، ويقيم عندهما ما شاء، يسقونه الخمر ويسمعونه الغناء الرّوميّ، فإذا انصرف أجزلوا صلته.
  أخبرنا بذلك محمد بن العبّاس اليزيديّ عن عمه عبيد اللَّه عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ، وله أخبار كثيرة معهم تذكر في مواضعها إن شاء اللَّه. والغناء لحنين الحيريّ خفيف ثقيل(٤) بالوسطى في مجراها عن إسحاق في الأربعة الأول. وذكر عمرو أنه لابن محرز. وذكر يونس أن فيها لحنا لمالك ولم يجنّسه. وذكر الهشاميّ أن في الخامس والسادس ثم الأوّل والثاني خفيف رمل بالوسطى ليحيى المكيّ.
  استحضره الفضل بن الربيع لما ولى الهادي:
  وقال حمّاد عن مصعب بن عبد اللَّه قال حدّثني الطرّاز وكان بريد الفضل بن الرّبيع قال:
  لما مات المهدي وملَّك موسى الهادي أعطاني الفضل دنانير وقال: الحق بمكة فأتني بابن جامع واحمله في قبّة ولا تعلمنّ بذا(٥) أحدا؛ ففعلت فأنزلته عندي واشتريت له جارية، وكان ابن جامع صاحب نساء. فذكره موسى ذات ليلة - وكان هو والحرّاني(٦) منقطعين إلى موسى أيام المهديّ فضربهما المهديّ وطردهما - فقال لجلسائه: أما فيكم أحد يرسل إلى ابن جامع وقد علمتم موقعه منّي! فقال له الفضل بن الربيع: هو واللَّه عندي يا أمير المؤمنين وقد فعلت الذي أردت. وبعث إليه فأتي به في الليل. فوصل الفضل تلك الليلة بعشرة آلاف دينار وولَّاه حجابته.
  غنى هو وإبراهيم الموصلي الرشيد بشعر السعدي فمدحه وذم الموصلي:
  قال إسحاق عن بعض أصحابه:
(١) الجل (بالضم ويفتح): الورد أبيضه وأحمره وأصفره، واحده جلة.
(٢) ورد هذا البيت في «اللسان» و «الصحاح» (مادة قصب). وقيل في «اللسان»: ... والقصابة: المزمار والجمع القصاب. قال الأعشى (وذكر هذا البيت. ثم قال) وقال الأصمعي: أراد الأعشى بالقصاب الأوتار التي سويت من الأمعاء». وعبارة الصحاح:
... والقصب بالضم: المعي ... والجمع أقصاب قال الأعشى:
وشاهدنا الجل والياسمي ... ن والمسمعات بأقصابها
أي بأوتارها وهي تتخذ من الأمعاء. ويروى بقصابها وهي المزامير.
(٣) البربط (كجعفر): العود. والكلمة فارسية معربة قيل شبه بصدر البط، وبر: الصدر. ورواية هذا الشطر في «مسالك الأبصار»:
«وبربطنا معمل دائب».
(٤) كلمة «ثقيل» ساقطة في ح.
(٥) في ح: «به».
(٦) هو إبراهيم الحرّاني. كان من ندماء الهادي، وقيما على خزائن الأموال في أيامه. (انظر «التاج» للجاحظ ص ٣٦ طبع المطبعة الأميرية ببولاق). وسيذكر بعد قليل في خبر عن مصعب أيضا أن الذي كان منقطعا إلى موسى الهادي مع ابن جامع وناله معه ضرب المهدي وطرده هو إبراهيم الموصليّ.