22 - ذكر ابن جامع وخبره ونسبه
  ذكر أخبار هذه الأصوات المتفرّقة [في](١) الأخبار وإنما أفردتها عنها لئلا تنقطع خبر
  أمسى بأسماء هذا القلب معمودا
  خرج الغريض مع نسوة فتبعه الحارث بن خالد مع ابن أبي ربيعة:
  أخبرني الحسين بن يحيى قال حماد: قرأت على أبي، وذكر جعفر بن سعيد عن عبد الرحمن بن سليمان المكيّ قال حدّثني المخزوميّ (يعني الحارث بن خالد) قال:
  بلغني أن الغريض خرج مع نسوة من أهل مكة من أهل الشّرف ليلا إلى بعض المتحدّثات من نواحي مكة، وكانت ليلة مقمرة؛ فاشتقت إليهنّ وإلى مجالستهنّ وإلى حديثهنّ، وخفت على نفسي لجناية كنت أطالب بها، وكان عمر مهيبا معظَّما لا يقدم عليه سلطان ولا غيره، وكان منّي قريبا؛ فأتيته فقلت له: إنّ فلانة وفلانة وفلانة - حتى سميتهنّ كلَّهنّ - قد بعثنني، وهنّ يقرأن عليك السلام، وقلن: تشوّقن إليك في ليلتنا هذه لصوت أنشدناه فويسقك الغريض - وكان الغريض يغنّي هذا الصوت فيجيده، وكان ابن أبي ربيعة به معجبا، وكان كثيرا ما يسأل الغريض أن يغنّيه، وهو قوله:
  أمسى بأسماء هذا القلب معمودا ... إذا أقول صحا يعتاده عيدا
  / كأنّ أحور من غزلان ذي نفر(٢) ... أهدى لها شبه العينين والجيدا
  قامت تراءى وقد جدّ الرحيل بنا ... لتنكأ القرح من قلب قد اصطيدا
  كأنني يوم أمسي لا تكلَّمني ... ذو بغية يبتغي ما ليس موجودا
  / أجرى على موعد منها فتخلفني ... فما أملّ وما توفي المواعيدا
  قد طال مطلي، لو انّ اليأس ينفعني ... أو أن أصادف من تلقائها جودا
  فليس تبذل لي عفوا وأكرمها ... من أن ترى عندنا في الحرص تشديدا(٣)
  - فلما أخبرته الخبر قال: لقد أزعجتني في وقت كانت الدّعة أحبّ فيه إليّ؛ ولكنّ صوت الغريض وحديث
(١) هذه الكلمة ساقطة في ب، س.
(٢) راجع الحاشية رقم ٥ ص ٣١٤ من هذا الجزء.
(٣) هذه رواية الديوان. وفي الأصول:
... فأكرمها ... ما إن ترى عندنا في الحرص تشديدا