كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

22 - ذكر ابن جامع وخبره ونسبه

صفحة 516 - الجزء 6

  فشكّ غير طويل ثم قال له ... اقتل أسيرك إني مانع جاري

  وسوف يعقبنيه إن ظفرت به ... ربّ كريم وبيض ذات أطهار

  لا سرّهنّ لدينا ذاهب هدرا ... وحافظات إذا استودعن أسراري

  فاختار أدراعه كي لا يسبّ بها ... ولم يكن وعده فيها بختّار⁣(⁣١)

  قال: فجاء شريح إلى الكلبيّ فقال له: هب لي هذا الأسير المضرور⁣(⁣٢)؛ فقال: هو لك، فأطلقه. وقال له:

  أقم عندي حتى أكرمك وأحبوك؛ فقال له الأعشى: إن من تمام صنيعك إليّ أن تعطيني ناقة ناجية⁣(⁣٣) وتخليني الساعة. قال: فأعطاه ناقة، فركبها ومضى من ساعته. وبلغ الكلبيّ أن الذي وهب لشريح هو الأعشى، فأرسل إلى شريح: ابعث إليّ بالأسير الذي وهبت لك حتى أحبوه وأعطيه؛ فقال: قد مضى. فأرسل الكلبيّ في أثره فلم يلحقه.

  / وأما خبر:

  وما كرّ إلا كان أوّل طاعن

  - والشعر للخنساء - فإنه خبر يطول لذكر ما فيه من الوقائع؛ وهو يأتي فيما بعد هذا مفراد عن المائة الصوت المختارة في أخبار الخنساء.

  رجع الخبر إلى قصّة ابن جامع

  دفع في صوت أخذه عن سوداء أربعة دراهم وغناه الخليفة فأعطاه أربعة آلاف دينار:

  وأمّا خبر الجارية التي أخذ عنها ابن جامع الصوت وما حكيناه من أنّه وقع في حكاية محمد بن ضوين الصّلصال فيها⁣(⁣٤) خطأ، فأخبرنا بخبرها الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن عبد اللَّه بن أبي محمد العامريّ قال حدّثني عكَّاشة اليزيديّ بجرجان قال حدّثني إسماعيل بن جامع قال:

  بينا أنا في غرفة لي باليمن وأنا مشرف على مشرعة⁣(⁣٥)، إذ أقبلت أمة سوداء على ظهرها قربة، فملأتها ووضعتها على المشرعة لتستريح، وجلست فغنّت:

  صوت

  فردّي مصاب القلب أنت قتلته ... ولا تبعدي فيما تجشّمت كلثما

  - ويروى «ولا تتركيه هائم القلب مغرما» -:

  إلى اللَّه أشكو بخلها وسماحتي ... لها عسل منّي وتبذل علقما


(١) الختار: الغادر.

(٢) كذا في ح ونسخة الشيخ الشنقيطي مصححة بقلمه و «معجم ياقوت» في الكلام على الأبلق الفرد. وفي سائر الأصول: «المضروب» بالباء الموحدة، وهو تحريف.

(٣) ناقة ناجية: سريعة السير.

(٤) هذه الكلمة مستغنى عنها في الكلام ولكنها ثابتة في جميع الأصول.

(٥) المشرعة: مورد الشاربة التي يشرعها الناس فيشربون منها ويستقون. ولا تسميها العرب مشرعة حتى يكون الماء عدّا لا انقطاع له كماء الأنهار ويكون ظاهرا مبينا لا يستقى منه برشاء. فإن كان من ماء الأمطار فهو الكرع (بالتحريك).