كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

1 - أخبار الوليد بن يزيد ونسبه

صفحة 55 - الجزء 7

  الشعر للوليد بن يزيد بن عبد الملك. والغناء لأبي كامل غزيّل الدّمشقيّ ماخوريّ بالبنصر. وفي هذه القصيدة يقول الوليد بن يزيد:

  أصبح اليوم وليد ... هائما بالفتيات

  / عنده راح وإبري ... ق وكأس بالفلاة

  ابعثوا خيلا لخيل ... ورماة لرماة

  وأخبرني بالسبب في مقتله الحسن بن عليّ قال أخبرنا أحمد بن الحارث قال حدّثني المدائنيّ عن جويرية بن أسماء، وأخبرني به ابن أبي الأزهر عن حمّاد عن أبيه عن المدائنيّ عن جويرية بن أسماء قال: قال ابن⁣(⁣١) بشر بن الوليد بن عبد الملك:

  لمّا أظهر الوليد بن يزيد أمره وأدمن على اللهو والصيد واحتجب عن الناس ووالى بين الشرب وانهمك في اللذّات، سئمه⁣(⁣٢) الناس ووعظه من أشفق عليه من / أهله؛ فلما لم يقلع دبّوا في خلعه. فدخل أبي بشر بن الوليد على عمّي العباس بن الوليد وأنا معه، فجعل يكلَّم عمّي في أن يخلع الوليد بن يزيد ومعه عمي يزيد بن الوليد، فكان العبّاس ينهاه وأبي يردّ عليه؛ فكنت أفرح وأقول في نفسي: أرى أبي يجترئ أن يكلَّم عمّي ويردّ عليه؛ فقال العباس: يا بني مروان، أظن أن اللَّه قد أذن في هلاككم. ثم قال العباس:

  إني أعيذكم باللَّه من فتن ... مثل الجبال تسامى ثم تندفع

  إنّ البريّة قد ملَّت سياستكم ... فاستمسكوا بعمود الدّين وارتدعوا

  لا تلحمنّ⁣(⁣٣) ذئاب الناس أنفسكم ... إنّ الذئاب إذا ما ألحمت رتعوا

  لا تبقرنّ بأيديكم بطونكم ... فثمّ لا فدية تغني ولا جزع⁣(⁣٤)

  قال المدائنيّ عن رجاله: فلما استجمع ليزيد أمره وهو متبدّ أقبل إلى دمشق، وبين مكانه الذي كان متبدّيا فيه وبين دمشق أربع ليال، فأقبل إلى دمشق متنكَّرا في سبعة أنفس على حمر وقد بايع له أكثر أهل دمشق وبايع له أكثر أهل المزّة. فقال مولَّى لعبّاد بن زياد: إني لبجرود - وبين جرود ودمشق مرحلة - إذ طلع علينا سبعة معتمّون⁣(⁣٥) على حمر فنزلوا، وفيهم رجل طويل جسيم، فرمى بنفسه فنام وألقوا عليه ثوبا، وقالوا لي: هل عندك شيء نشتريه من طعام؟ فقلت: أمّا بيع فلا، وعندي من قراكم ما يشبعكم؛ فقالوا: فعجّله؛ فذبحت لهم دجاجا وفراخا وأتيتهم بما حضر من عسل وسمن وشوانيز⁣(⁣٦)، وقلت: أيقظوا صاحبكم / للغداء؛ فقالوا: هو محموم لا يأكل؛ فسفروا للغداء


(١) كذا في أ، ء، م وهو الصواب كما سيأتي. وفي ب، س، ح: «قال قال أبي بشر بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك»، وهو خطأ.

(٢) في الأصول: «شتمه».

(٣) ألحمت القوم: أطعمتهم اللحم.

(٤) في الأصول: «جذع» بالذال المعجمة. والتصويب عن «الطبري». وقد جاء فيه الشطر هكذا:

فثم لا حسرة تغني ولا جزع

(٥) في جميع الأصول: «معتمين» ...

(٦) الشوانيز: التوابل.