1 - أخبار الوليد بن يزيد ونسبه
  مواليه: ليس هذا يا أمير المؤمنين يوما يعامل فيه بالنّسيئة. وناداهم رجال: اقتلوا اللَّوطيّ قتلة قوم لوط، فرموه بالحجارة. فلما سمع ذلك دخل القصر وأغلق الباب وقال:
  صوت
  دعوا لي سليمى والطَّلاء وقينة(١) ... وكأسا ألا حسبي بذلك مالا
  إذا ما صفا عيش برملة عالج(٢) ... وعانقت سلمى لا أريد بدالا
  خذوا ملككم لا ثبّت اللَّه ملككم ... ثباتا يساوي ما حييت عقالا
  وخلَّوا عناني قبل عير وما جرى(٣) ... ولا تحسدوني أن أموت هزالا
  / - غنّاه عمر الوادي رملا بالوسطى عن حبش - ثم قال لعمر الوادي: يا جامع لذتي، غنّني بهذا الشعر. وقد أحاط الجند بالقصر؛ فقال لهم الوليد من وراء الباب: أما فيكم رجل شريف له حسب وحياء أكلَّمه؟! فقال له يزيد بن عنبسة السّكسكيّ: كلَّمني؛ فقال له الوليد: يا أخا السّكاسك، ما تنقمون منّي؟ ألم أزد في أعطياتكم وأعطية فقرائكم وأخدمت زمناكم ودفعت عنكم المؤن!؟ فقال: ما ننقم عليك في أنفسنا شيئا، ولكن ننقم عليك انتهاك ما حرّم اللَّه وشرب الخمور ونكاح أمهات أولاد أبيك واستخفافك بأمر اللَّه. قال: حسبك يا أخا السّكاسك! فلعمري لقد أغرقت(٤) فأكثرت، وإنّ فيما أحلّ اللَّه لسعة عمّا(٥) ذكرت. ورجع إلى الدار فجلس وأخذ المصحف وقال: يوم كيوم(٦) عثمان، ونشر المصحف يقرأ؛ فعلوا الحائط؛ فكان أوّل من علا الحائط يزيد بن عنبسة، فنزل وسيف الوليد إلى جنبه؛ فقال له يزيد: نحّ سيفك، فقال الوليد: لو أردت السيف لكانت لي ولك حالة غير هذه. فأخذ بيده وهو يريد أن يدخله بيتا(٧) ويؤامر فيه، فنزل من الحائط عشرة فيهم منصور بن جمهور وعبد الرحمن وقيس مولى يزيد بن عبد الملك والسّريّ بن زياد بن أبي كبشة، فضربه عبد الرحمن السّلميّ(٨) على رأسه ضربة وضربه السّريّ بن زياد على وجهه، وجرّوه بين خمسة ليخرجوه؛ فصاحت امرأة كانت معه في الدار فكفّوا عنه فلم يخرجوه، واحتزّ رأسه
(١) كذا في أ، ء. وفي سائر الأصول: «وفتية» وهو تحريف.
(٢) عالج: رملة بالبادية. وقال أبو عبيد اللَّه السكوني: عالج رمال بين فيد والقريات ينزلها بنو بحتر من طيء، وهي متصلة بالثعلبية على طريق مكة لا ماء بها.
(٣) قبل عير وما جرى، قال أبو عبيد: إذا أخبر الرجل بالخبر من غير استحقاق ولا ذكر كان لذلك قيل: فعل كذا وكذا قبل عير وما جرى. قالوا: خص العير لأنه أحذر ما يقنص، وإذا كان كذلك كان أسرع جريا من غيره، فضرب به المثل في السرعة. وقيل العير وإنسان العين، فإذا قيل: جاء قبل عير وما جرى فمعناه قبل لحظة العين. (راجع «مجمع الأمثال للميداني» ج ٢ ص ٣٦ طبع بولاق و «لسان العرب» مادة عير).
(٤) أي تجاوزت الحدّ في القول وبالغت فيه.
(٥) في الأصول «فيما» والتصويب عن «الطبري».
(٦) يريد عثمان بن عفان ¥ فإنه لما قتل كان يقرأ في المصحف وجرى دمه عليه.
(٧) في ب، س: «بيتنا» وهو تحريف.
(٨) عبارة «الطبري»: «فنزل من الحائط عشرة منصور بن جمهور وحبال بن عمرو الكلبي وعبد الرحمن بن عجلان مولى يزيد بن عبد الملك وحميد بن نصر اللخمي والسري بن زياد بن أبي كبشة وعبد السلام اللخمي فضربه عبد السلام على رأسه وضربه السري على وجهه وجروه ... إلخ».