6 - أخبار أبي دهبل ونسبه
  وأخبرني به محمد بن خلف بن المرزبان قال حدّثني أحمد بن الهيثم بن فراس قال حدّثني العباس بن هشام عن أبيه عن أبي مسكين:
  أنّ قوما مرّوا براهب، فقالوا له: يا راهب، من أشعر الناس؟ قال: مكانكم حتى أنظر في كتاب عندي، فنظر في رقّ له عتيق ثم قال: وهب من وهبين، من جمح أو جمحين.
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثنا عليّ بن صالح عن عبد اللَّه بن عروة قال:
  قال أبو دهبل يفخر بقومه:
  قومي بنو جمح قوم إذا انحدرت ... شهباء تبصر في حافاتها الزّغفا(١)
  أهل الخلافة والموفون إن وعدوا ... والشاهدو الروع لا عزلا ولا كشفا(٢)
  قال الزبير وأنشدني عمّي قال أنشدني مصعب لأبي دهبل يفخر بقومه بقوله:
  أنا أبو دهبل وهب لوهب ... من جمح في العز منها والحسب
  والأسرة الخضراء والعيص(٣) الأشب ... ومن هذيل والدي عالي النّسب
  أورثني المجد أب من بعد أب ... رمحي ردينيّ وسيفي المستلب
  وبيضتي قونسها من الذّهب ... درعي دلاص سردها سرد عجب(٤)
  / والقوس فجّاء لها نبل ذرب ... محشورة أحكم منهن القطب(٥) ... ليوم هيجاء أعدّت للرّهب
  كان يهوى امرأة من قومه فكادوا له عندها فهجرته
  : أخبرني محمد بن خلف قال حدّثنا محمد بن زهير قال حدّثنا المدائنيّ:
  أنّ أبا دهبل كان يهوى امرأة من قومه يقال لها عمرة، وكانت امرأة جزلة(٦) يجتمع إليها الرجال للمحادثة(٧) وإنشاد الشعر والأخبار، وكان أبو دهبل لا يفارق مجلسها مع كل من يجتمع إليها، وكانت هي أيضا محبّة له. وكان أبو دهبل رجلا سيّدا من أشراف بني جمح، وكان يحمل الحملات(٨) ويعطي الفقراء ويقري الضيف. وزعمت بنو جمح أنه تزوّج عمرة هذه بعد ذلك، وزعم غيرهم أنه لم يصل إليها. وكانت عمرة توصيه بحفظ ما بينهما وكتمانه، فضمن لها ذلك واتصل ما بينهما. فوقفت عليه زوجته فدسّت إلى عمرة امرأة داهية من عجائز أهلها؛ فجاءتها فحادثتها
(١) الشهباء: الكتيبة العظيمة الكثيرة السلاح. والزعف: الدروع.
(٢) الروع: الحرب. والعزل: جمع أعزل وهو من لا سلاح معه. والأكشف: من لا ترس معه في الحرب، وقيل: من ينهزم فيها.
(٣) العيص: الأصل. والأشب: الملتف.
(٤) البيضة: ضرب من الدروع يتقى بها. وقونسها: أعلاها، وقيل: مقدّمها. ودرع دلاص: لينة ملساء براقة.
(٥) قوس فجاء: ارتفعت سيتها فبان وترها عن معجسها (المعجس: مقبض القوس). والقطب: النصال.
(٦) الجزلة: الأصيلة الرأي.
(٧) كذا في «تجريد الأغاني». وفي الأصول: «من الحادثة»، وهو تحريف.
(٨) الحمالة (بفتح الحاء): الدية والغرامة التي يحملها قوم عن قوم.