كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

6 - أخبار أبي دهبل ونسبه

صفحة 87 - الجزء 7

  طويلا ثم قالت لها في عرض حديثها: إني لأعجب لك كيف لا تتزوّجين / أبا دهبل مع ما بينكما! قالت: وأيّ شيء يكون بيني وبين أبي دهبل! قال: فتضاحكت وقالت: أتسترين عنّي شيئا قد تحدّثت به أشراف قريش في مجالسها وسوقة أهل الحجاز في أسواقها والسّقاة في مواردها! فما يتدافع اثنان أنه يهواك وتهوينه؛ فوثبت عن مجلسها فاحتجبت ومنعت كلّ من كان يجالسها من المصير إليها. وجاء أبو دهبل على عادته فحجبته وأرسلت إليه بما كره.

  ففي ذلك يقول:

  صوت

  تطاول هذا الليل ما يتبلَّج ... وأعيت غواشي عبرتي ما تفرّج

  وبتّ كئيبا ما أنام كأنما ... خلال ضلوعي جمرة تتوهّج

  فطورا أمنّي النفس من عمرة المنى ... وطورا إذا ما لجّ بي الحزن أنشج⁣(⁣١)

  لقد قطع الواشون ما كان بيننا ... ونحن إلى أن يوصل الحبل أحوج

  - الغناء في البيت الأوّل وبعده بيت في آخر القصيدة:

  أخطَّط في ظهر الحصير كأنّني ... أسير يخاف القتل ولهان ملفج⁣(⁣٢)

  لمعبد ثقيل أوّل بالوسطى. وذكر حمّاد عن أبيه في أخبار مالك أنه لحائد بن جرهد وأنّ مالكا أخذه عنه فنسبه الناس إليه، فكان إذا غنّاه وسئل عنه يقول: هذا واللَّه لحائد بن جرهد لا لي. وفيه لأبي عيسى بن الرشيد ثاني ثقيل بالوسطى عن حبش. وفي «لقد قطع الواشون» وقبله «فطورا أمنّي النفس» لمالك ثقيل أوّل بالسبّابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لمعبد خفيف ثقيل بالوسطى عن حبش -.

  رأوا غرّة فاستقبلوها بألبهم⁣(⁣٣) ... فراحوا على ما لا نحبّ⁣(⁣٤) وأدلجوا

  وكانوا أناسا كنت آمن غيبهم ... فلم ينههم حلمي ولم يتحرّجوا

  / فليت كوانينا⁣(⁣٥) من أهلي وأهلها ... بأجمعهم في قعر دجلة لجّجوا⁣(⁣٦)

  هم منعونا ما نحبّ وأوقدوا ... علينا وشبّوا نار صرم تأجّج

  ولو تركونا لا هدى اللَّه سعيهم ... ولم يلحموا قولا من الشرّ ينسج


(١) النشيج: صوت معه توجع وبكاء.

(٢) كذا صححها المرحوم الأستاذ الشنقيطي في نسخته وهو المتفق مع تفسير المؤلف للكلمة فيما يأتي. وفي الأصول: «مفلج» بتقديم الفاء على اللام وهو تحريف.

(٣) بألبهم (بالفتح): بجمعهم. والألب أيضا (بالفتح والكسر): القوم يجتمعون على عداوة إنسان، يقال: هم ألب عليه، ومنه:

الناس ألب علينا فيك ليس لنا ... إلا السيوف وأطراف القناوزر

(٤) كذا في الشعر والشعراء ونسخة الشنقيطي مصححة بخطه. وفي ب، ح، س: «على ما لا يحب». وفي سائر الأصول: «على ما لم يحب».

(٥) الكوانين: الثقلاء، وقيل: الكانون: الذي يجلس حتى يتحصى الأخبار والأحاديث لينقلها. وفي ب، س: «كوائنا» وهو تحريف.

(٦) لججوا: وقعوا في اللجة.