10 - أخبار عبد الله بن علقمة وحبيشة
  يفعلوا شيئا. وكان خالد بن عبيد اللَّه أحد بني الحارث بن عبد مناة فيمن حضر الوقعة هو وضرار(١). فأشار إلى ذلك ضرار بن الخطاب بقوله:
  /
  دعوت إلى خطَّة خالدا ... من المجد ضيّعها خالد
  فو اللَّه أدري(٢) أضاهى بها ... بني(٣) العمّ أم صدره بارد
  ولو خالد عاد في مثلها ... لتابعه عنق وارد(٤)
  وقال ضرار أيضا:
  أرى ابني لؤيّ(٥) أسرعا أن تسالما ... وقد سلكت أبناؤها كلّ مسلك
  / فإن أنتم لم تثأروا برجالكم ... فدوكوا(٦) الذي أنتم عليه بمدوك(٧)
  فإنّ أداة الحرب ما قد جمعتم ... ومن يتّق الأقوام بالشّر يترك
  سرايا النبيّ ﷺ يوم الفتح إلى قبائل كنانة
  : فلما كان يوم فتح مكة بعث رسول اللَّه ﷺ بالجيوش إلى قبائل بني كنانة حوله، فبعث إلى بني ضمرة نميلة بن عبد اللَّه اللَّيثيّ، وإلى بني الدّئل عمرو بن أميّة الضّمريّ، وبعث إلى بني مدلج عيّاش بن أبي ربيعة المخزوميّ، وبعث إلى بني بغيض ومحارب بن فهر عبد اللَّه بن نهيك أحد بني مالك بن حسل، وبعث إلى بني عامر بن عبد مناة خالدا.
  فوافاهم خالد بماء يقال له الغميصاء؛ وقد كان خبره سقط إليهم، فمضى منهم سلف قتله بقوم منهم، يقال لهم بنو قيس(٨) بن عامر وبنو قعين بن عامر وهم خير القوم وأشرفهم، فأصيب من أصيب. فلما أقبل خالد / ودخل المدينة قال له النبيّ ﷺ: «يا خالد ما دعاك إلى هذا»! قال: يا رسول اللَّه آيات سمعتهنّ أنزلت عليك. قال: «وما هي»؟
  قال: قول اللَّه عزّ ذكره: {قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ أللهُ بِأَيْدِيكُمْ ويُخْزِهِمْ ويَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ويَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ويُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} وجاءني ابن أمّ أصرم فقال لي: إنّ رسول اللَّه ﷺ يأمرك أن تقاتل. فحينئذ بعث رسول اللَّه ﷺ فوداهم.
(١) هو ضرار بن الخطاب بن مرداس القرشي الفهري أحد الأشراف والشعراء المعدودين والأبطال المذكورين، من مسلمة الفتح، وهو رئيس بني فهر، وقد شهد فتوح الشأم. (انظر «شرح القاموس» مادة ضرّر).
(٢) النفي مقدر هنا، أي فو اللَّه لا أدري. وحذف حرف النفي في مثل هذا الموضع قياسي. وشرطه أن يكون الحرف «لا» وبعده فعل مضارع جواب لقسم.
(٣) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «من» وهو تحريف.
(٤) عنق وارد: متدل، يكنى بذلك عن موته.
(٥) هو لؤي بن غالب بن فهر واليه ينتهي عدد قريش وشرفها. وولده كعب بن لؤي وعامر بن لؤي وسامة بن لؤي وسعد بن لؤي وخزيمة بن لؤي والحارث بن لؤي وعوف بن لؤي. ومن هؤلاء تنحدر بطون وأفخاذ. ولم ندر من المعنيّ في هذا الشعر.
(٦) فدوكوا: اسحقوا.
(٧) كذا في ح ونسخة الشيخ الشنقيطي مصححة بقلمه. والمدوك: حجر يسحق به الطيب. وفي سائر الأصول: «بمدرك» بالراء وهو تحريف.
(٨) في ح: «بنو قين» بالنون.