جميل
  طوال(١) يقود راحلة عليها بزّة حسنة. فقال عبد الرحمن بن حسّان لعبد الرحمن بن أزهر: يا أبا جبير(٢)، هذا جميل، فادعه لعلَّه أن ينشدنا. فصاح به عبد الرحمن: هيا جميل هيا جميل! / فالتفت فقال: من هذا؟ فقال: أنا عبد الرحمن بن أزهر. فقال: قد علمت أنه لا يجترئ عليّ إلا مثلك.
  فأتاه فقال له أنشدنا، فأنشدهم:
  نحن منعنا يوم أول(٣) نساءنا ... ويوم أفيّ(٤) والأسنّة ترعف
  ويوم ركايا ذي الجذاة(٥) ووقعة ... ببنيان(٦) كانت بعض ما قد تسلَّفوا
  يحبّ الغواني البيض ظلّ لوائنا ... إذا ما أتانا الصارخ المتلهّف
  نسير أمام الناس والناس خلفنا ... فإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا
  فأيّ معدّ كان فيء رماحه ... كما قد أفأنا والمفاخر ينصف
  وكنّا إذا ما معشر نصبوا لنا(٧) ... ومرّت جواري طيرهم وتعيّفوا
  وضعنا لهم صاع القصاص رهينة ... بما سوف نوفيها إذ الناس طفّفوا
  / إذا استبق(٨) الأقوام مجدا وجدتنا ... لنا مغرفا مجد وللناس مغرف
  قال: ثم قال له: أنشدنا هزجا. قال: وما الهزج؟ لعله هذا القصير؟ قال نعم، فأنشده - قال الزّبير: لم يذكر في هذا الخبر من هذه القصيدة الهزج سوى بيتين، وأنشدنا باقيها بهلول بن سليمان بن قرضاب البلويّ -.
  صوت
  رسم(٩) دار وقفت في طلله ... كدت أقضي الغداة(١٠) من جللَّه
  موحشا ما ترى به أحدا تن ... تسج الريح ترب معتدله
  وصريعا من الثّمام ترى ... عارمات المدبّ في أسله(١١)
(١) هذه الكلمة «طوال» ساقطة في ب، س.
(٢) كذا في ح والخلاصة في أسماء الرجال. وفي سائر الأصول: «يا أبا جبتر» وهو تصحيف.
(٣) أول: واد بين الفيل وأكمة على طريق اليمامة إلى مكة (كما في «معجم البلدان» لياقوت). وفي ب، س: «يوم أرل» بالراء وهو تحريف.
(٤) قال ياقوت: أفيّ: موضع في شعر نصيب، واستشهد بهذا البيت.
(٥) كذا في «معجم ما استعجم» للبكري ونسخة الشنقيطي مصححة بقلمه. وذو الجذاة: موضع. وفي ب، س: «ذي الحداة» بالحاء والدال المهملتين. وفي سائر الأصول: «ذي الجداة» بالجيم، وكلاهما تصحيف. وركايا: جمع ركية، وهي البئر ذات الماء.
(٦) كذا في «معجم ما استعجم» للبكري في الكلام على بيان ونسخة الشنقيطي مصححة بقلمه. وبنيان: موضع. وقد ورد محرفا في الأصول.
(٧) في «منتهى الطلب في أشعار العرب» لمحمد بن المبارك (نسخة خطية محفوظة بدار الكتب المصرية رقم ٥٣ أدب ش): «جحفوا بنا».
(٨) في الكتاب السابق: «إذا انتهب الأقوام ... إلخ».
(٩) رسم دار أي رب رسم دار إلخ.
(١٠) في ب، س: «أقضى الحياة». وهي رواية في البيت. ومن جللَّه: من أجله، أو من عظمه في عيني.
(١١) ورد هذا البيت في جميع الأصول بصور مختلفة وكلها محرفة، وقد صححناه عن شرح شواهد مغنى اللبيب للسيوطي طبع فارس.