كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

جميل

صفحة 331 - الجزء 8

  ثم اعل على شرف وصح بهذه الأبيات وخلاك ذمّ. ثم أنشدني هذه الأبيات:

  /

  صدع النّعيّ وما كنى بجميل ... وثوى بمصر ثواء غير قفول

  - وذكر الأبيات المتقدّمة - فلما قضى وواريته أتيت رهط بثينة ففعلت ما أمرني به جميل، فما استتممت الأبيات حتى برزت إليّ امرأة يتبعها نسوة قد فرعتهنّ / طولا وبرزت أمامهن كأنها بدر قد برز في دجنّة وهي تتعثّر في مرطها⁣(⁣١) حتى أتتني، فقالت: يا هذا، واللَّه لئن كنت صادقا لقد قتلتني، ولئن كنت كاذبا لقد فضحتني. قلت:

  واللَّه ما أنا إلَّا صادق، وأخرجت حلَّته. فلما رأتها صاحت بأعلى صوتها وصكَّت وجهها، واجتمع نساء الحيّ يبكين معها ويندبنه حتى صعقت فمكثت مغشيّا عليها ساعة، ثم قامت وهي تقول:

  وإنّ سلوّي عن جميل لساعة ... من الدّهر ما حانت ولا حان حينها

  سواء علينا يا جميل بن معمر ... إذا متّ بأساء الحياة ولينها

  قال: فلم أر يوما كان أكثر باكيا وباكية منه يومئذ.

  صوت من المائة المختارة من رواية جحظة عن أصحابه

  أمسى الشباب مودّعا محمودا ... والشيب مؤتنف⁣(⁣٢) المحلّ جديدا

  وتغيّر البيض الأوانس بعدما ... حمّلتهنّ مواثقا وعهودا

  عروضه من الكامل. الشعر ليزيد بن الطَّثريّة، والغناء لإسحاق، ولحنه المختار من الثقيل الأوّل بالبنصر.

  وفيه لبابويه خفيف ثقيل بالوسطى، كلاهما من رواية عمرو بن بانة.


(١) المرط: كساء من صوف.

(٢) ائتنف الشيء واستأنفه: استقبله، أو أخذ أوّله وابتدأه.