يزيد بن الطئرية
  أحب امرأة وعلم أن سعة يحبونها فقال شعرا
  : أخبرني أبو خليفة قال ابن سلَّام:
  كان يزيد بن الطَّثريّة يتحدّث إلى امرأة ويعجب بها. فبينما هو عندها إذ حدث لها شابّ سواه قد طلع عليه، ثم جاء آخر ثم آخر، فلم يزالوا كذلك حتى تمّوا سبعة وهو الثامن؛ فقال:
  أرى سبعة يسعون للوصل كلَّهم ... له عند ليلى دينة يستدينها
  فألقيت سهمي وسطهم حين أوخشوا(١) ... فما صار لي من ذاك إلَّا ثمينها
  وكنت عزوف النّفس أشنأ أن أرى ... على الشّرك من ورهاء طوع قرينها(٢)
  فيوما تراها بالعهود وفيّة ... ويوما على دين ابن خاقان دينها
  / يدا بيد من جاء بالعين منهم ... ومن لم يجيء بالعين حيزت رهونها
  وقال فيها وقد صارمها:
  ألا بأبي من قد برى الجسم حبّه ... ومن هو موموق إليّ حبيب
  ومن هو لا يزداد إلا تشوّقا ... وليس يرى إلَّا عليه رقيب
  وإنّي وإن أحموا(٣) عليّ كلامها ... وحالت أعاد دونها وحروب
  لمثن على ليلى ثناء يزيدها ... قواف بأفواه الرّواة تطيب
  أليلى احذري نقض القوى لا يزل لنا ... على النأي والهجران منك نصيب
  وكوني على الواشين لدّاء شغبة ... كما أنا للواشي ألدّ شغوب
  فإن خفت ألا تحكمي مرّة القوى ... فردّي فؤادي والمزار قريب
  كتب والي اليمامة إلى أخيه ليؤدبه فحلق لمته فقال شعرا
  : أخبرنا محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعيّ عن عمه عن رجل من بني عامر ثم من بني خفاجة قال:
  استعدت جرم على ابن الطَّثريّة في وحشيّة (امرأة منهم كان يشبّب بها) فكتب بها صاحب اليمامة إلى ثور أخي يزيد بن الطَّثريّة وأمره بأدبه، فجعل عقوبته حلق لمّته فحلقها، فقال يزيد:
  أقول لثور وهو يحلق لمّتي ... بحجناء(٤) مردود عليها نصابها
(١) أوخشوا: خلطوا وصاروا إلى الوخاشة أي الرذالة، يقال: وخش الشيء (بالضم) وخاشة ووخوشة ووخوشا أي رذل وصار رديئا.
وفي «الأصول»: «أوحشوا» بالحاء المهملة، والتصويب عن «اللسان» (مادة وخش).
(٢) الورهاء: الحمقاء. وطوع قرينها أي أن قرينها يطيعها، ولا تخضع هي لقرين، لأنها تستبدل بكل قرين من شاءت متى شاءت، فقرينها يطيعها وهي لا تطيع قرينا.
(٣) أحمى: حرّم ومنع.
(٤) في «الكامل للمبرد»: «بعقفاء». والعقفاء والحجناء بمعنى، وهي كل حديدة لوى طرفها.