كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

عنترة

صفحة 391 - الجزء 8

  أخبرني عليّ بن سليمان قال حدّثنا أبو سعيد السكريّ قال قال محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ عن المفضّل عن أبي عبيدة⁣(⁣١) وابن الكلبيّ قالا:

  موته واختلاف الروايات في سببه

  : أغار عنترة على بني نبهان من طيّئ فطرد⁣(⁣٢) لهم طريدة وهو شيخ كبير، فجعل يرتجز وهو يطردها ويقول:

  آثار ظلمان بقاع محرب⁣(⁣٣) قال: وكان زرّ⁣(⁣٤) بن جابر النّبهانيّ في فتوّة، فرماه وقال: خذها وأنا ابن سلمى، فقطع مطاه⁣(⁣٥)؛ فتحامل بالرّمية حتى أتى أهله؛ فقال وهو مجروح:

  وإنّ ابن سلمى عنده فاعلموه دمي ... وهيهات لا يرجى ابن سلمى ولا دمي

  يحلّ بأكناف الشّعاب وينتمي⁣(⁣٦) ... مكان الثّريّا ليس بالمتهضّم

  رماني ولم يدهش بأزرق لهذم ... عشيّة حلَّوا بين نعف⁣(⁣٧) ومخرم

  قال ابن الكلبي: وكان الذي قتله يلقّب بالأسد الرهيص⁣(⁣٨). وأما أبو عمرو الشّيبانيّ فذكر أنه غزا طيّئا مع قومه، فانهزمت عبس، فخرّ عن فرسه ولم يقدر من الكبر أن يعود فيركب؛ فدخل دغلا، وأبصره ربيئة⁣(⁣٩) طيّئ فنزل إليه، وهاب أن يأخذه أسيرا فرماه وقتله.

  وذكر أبو عبيدة أنه كان قد أسنّ واحتاج وعجر بكبر سنّه عن الغارات، وكان له على رجل من غطفان بكر، فخرج يتقاضاه إيّاه، فهاجت عليه ريح من صيف وهو بين شرج⁣(⁣١٠) وناظرة، فأصابته فقتلته.

  كان أحد الذين يباليهم عمرو بن معد يكرب

  : قال أخبرني أبو خليفة عن محمد بن سلَّام قال:

  كان عمرو بن معد يكرب يقول: ما أبالي من لقيت من فرسان العرب ما لم يلقني حرّاها وهجيناها. يعني بالحرّين عامر بن الطَّفيل وعتيبة بن الحارث بن شهاب، وبالعبدين عنترة والسّليك بن السّلكة.


(١) في الأصول: ... عن المفضل وعن ابن حبيب عن ابن الكلبيّ قالا». والظاهر أنه محرف عما أثبتناه فقد تقدّمت رواية المفضل عن أبي عبيدة وابن الكلبيّ في أكثر من موضع في هذا الجزء والأجزاء السابقة، وبعيد أن تكون له رواية عن ابن حبيب.

(٢) طرد الطريدة: ساقها. وفي الأصول: «فأطرد لهم طريدة» وليس في معجمات اللغة «أطرد» بمعنى ساق الذي هو المراد هنا.

(٣) ظلمان (بضم الظاء وكسرها): جمع ظليم وهو ذكر النعام. والقاع: أرض سهلة مطمئنة تنفرج عنها الجبال والآكام. ومحرب، لعل صوابه «مجدب» بالدال.

(٤) في ب، س، ج: «وزر بن جابر».

(٥) المطا: الظهر.

(٦) كذا في «ديوان عنترة» (نسخة مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية برقم ١٩٣٧ أدب). وفي الأصول: «إذا ما تمشي بين أجبال طي مكان الثريا إلخ».

(٧) النعف: ما انحدر عن السفح وغلظ. والمخرم: منقطع أنف الجبلي.

(٨) الأسد الرهيص: الذي لا يبرح مكانه كأنه رهص (شدخ) باطن حافره حجر، فهو كأنه لا يستطيع المشي خبثا وتيها.

(٩) الربيئة: الطليعة.

(١٠) شرج وناظره: ماءان لبنى عبس.