كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أبو دلف

صفحة 404 - الجزء 8

  قطاة مزاحم وأبي المثنّى ... على حوزيّة⁣(⁣١) صلب شواها

  غدت كالقطرة السّفواء⁣(⁣٢) تهوي ... أمام مجلجل⁣(⁣٣) زجل نفاها

  / تكفّأ كالجمانة لا تبالي ... أبا الموماة أضحت أم سواها

  نبت منها العجيزة فاحزألَّت⁣(⁣٤) ... ونبّس⁣(⁣٥) للتقتّل منكباها

  / كأنّ كعوبها أطراف نبل ... كساها الرّازقيّة⁣(⁣٦) من براها

  قال: واحتكموا إلى ليلى الأخيليّة، فحكمت لأوس بن غلفاء.

  وأخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثنا يعقوب بن إسرائيل عن قعنب بن محرز الباهليّ قال حدّثني رجل عن أبي عبيدة قال أخبرنا حميد⁣(⁣٧) بن ثور والعجير السّلوليّ ومزاحم العقيليّ وأوس بن غلفاء الهجيميّ أنهم تحاكموا إلى ليلى الأخيليّة لمّا وصفوا القطاة أيّهم أحسن وصفا لها؛ فقالت:

  ألا كلّ ما قال الرّواة وأنشدوا ... بها غير ما قال السّلوليّ بهرج

  وحكمت له. فقال حميد بن ثور يهجوها:

  كأنّك ورهاء⁣(⁣٨) العنانين بغلة ... رأت حصنا فعارضتهنّ تشحج

  ووجدت هذه الحكاية عن أبي عبيدة مذكورة عن دماذ عنه وأنّه سأله عن أبيات العجير فأنشده:

  تجوب الدّجى سكَّاء من دون فرخها ... بمطلى أريك نفنف⁣(⁣٩) وسهوب

  فجاءت وقرن الشمس باد كأنّه ... هجان بصحراء الخبيب⁣(⁣١٠) شبوب

  لتسقي أفراخا لها قد تبلَّلت ... حلاقيم أسماط⁣(⁣١١) لها وقلوب

  قصار الخطا زغب الرؤوس كأنها ... كرات تلظَّى مرّة وتلوب⁣(⁣١٢)


(١) كذا في ج والحوزية (بالضم): الناقة المنحازة عن الإبل لا تخالطها، أو هي التي عندها سير مذخور من سيرها أي التي تغلب غيرها بالهويني وعندها سير مذخور لم تبتذله أو هي التي لها خلفة انقطعت عن الإبل في خلفتها وفراهتها كما تقول: منقطع القرين.

(راجع «القاموس وشرحه» مادة حوز). وفي سائر الأصول: «خرزية» وهو تحريف.

(٢) السفواء: السريعة.

(٣) المجلجل من السحاب: الذي فيه صوت الرعد. وغيث زجل: لرعده صوت.

(٤) احزألت: ارتفعت.

(٥) نبس: تحرّك. والتقتل: التثني والتبختر. وفي الأصول ما عدا ج: «للتفتل» بالفاء.

(٦) الرازقية: ثياب كتان بيض.

(٧) كذا في جميع الأصول. والمعروف أن أبا عبيدة معمر بن المثنى الذي كان يعاصر الرشيد لم يعاصر هؤلاء النفر الذين كانوا في صدر الدولة الأموية. ولعل صوابه: ... عن أبي عبيدة قال: إن حميد بن ثور ... إلخ» أو أن في السند نقصا.

(٨) الورهاء: الخرقاء.

(٩) المطلى: مسيل ضيق من الأرض. وأريك (كأمير): واد بديار بني مرة. والنفنف: المفازة. والسهوب: الفلوات.

(١٠) هجان: أبيض. الخبيب: الأصل فيه حبل من رمل لا طيء بالأرض، ويريد هنا موضعا بعينه. وشبوب: تجاوز رجلاه يديه في العدو. شبه قرن الشمس بفرس أبيض تجاوز رجلاه يديه حين يشتد في العدو حتى يصير كالكرة.

(١١) حلاقيم أسماط أي لا سمة فيها.

(١٢) تلوب: تعطش.