كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

سعيد بن عبد الرحمن

صفحة 413 - الجزء 8

  رقراقة في عنفوان شبابها ... فيها عن الخلق الدّنيّ تكرّم

  ضنّت على مغرى بطول سؤالها ... صبّ كما يسل الغنيّ المعدم

  سأل عنبسة بن سعيد أن يكلم له الخليفة فتأخر فسرق متاعه فقال شعر

  : أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثني أبو مسلم عن الحرمازيّ قال:

  خرج سعيد بن عبد الرحمن بن حسّان إلى عسكر يزيد بن عبد الملك، فأتى عنبسة بن سعيد بن العاصي، وكان أبوه صديقا لأبيه، فسأله أن يرفع أمره إلى الخليفة، فوعده أن يفعل؛ فلم يمكث إلَّا يسيرا حتى طرقه لصّ فسرق متاعه وكلّ شيء كان معه؛ فأتى عنبسة فتنجّزه ما وعده؛ فاعتلّ عليه ودافعه؛ فرجع سعيد من عنده فارتجل وقال:

  أعنبس قد كنت لا تعتزي⁣(⁣١) ... إلى عدّة منك كانت ضلالا

  / وعدت عدات لو انجزتها ... إذا لحمدت ولم ترز⁣(⁣٢) مالا

  وما كان ضرّك لو قد شفعت ... فأعطى الخليفة عفوا نوالا

  وقد ينجز الحرّ موعوده ... ويفعل ما كان بالأمس قالا

  فياليتني والمنى كاسمها ... وقد يصرف الدهر حالا فحالا

  قعدت ولم ألتمس ما وعدت ... ويا ليت وعدك كان اعتلالا

  وكانت نعم منك مخزونة ... وقلت من أوّل يوم ألالا

  أرى كذب القول من شرّ ما ... يعدّ إذا الناس عدوّا الخصالا

  فأبقيت لي عنك مندوحة ... ونفسا عزوفا تقلّ السؤالا

  فإن عدت أرجوكم بعدها ... فبدّلت بعد العلاء السّفالا

  أأرجوك من بعد ما قد عزفت⁣(⁣٣) ... لعمري لقد جئت شيئا عضالا

  لقي الوليد لما حج فاستأنس به الوليد

  : نسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو الشّيبانيّ يأثره عن أبيه قال:

  كان سعيد بن عبد الرحمن بن حسّان إذا وفد إلى الشأم نزل على الوليد بن يزيد، فأحسن نزله وأعطاه وكساه وشفع له. فلما حجّ الوليد لقيه سعيد بن عبد الرحمن في أوّل من لقيه، فسلَّم عليه، فردّ الوليد # وحيّاه وقرّبه وأمر بإنزاله معه وبسطه، ولم يأنس بأحد أنسه به. وأنشده سعيد قوله فيه:

  يا لقومي للهجر بعد التّصافي ... وتنائى الجميع بعد ائتلاف

  / ما شجا القلب بعد طول اندمال ... غيرهاب⁣(⁣٤) كالفرخ بين أثافي


(١) تعتزي: تنتسب.

(٢) ترز: أصلها «ترزأ» سهلت الهمزة ثم حذفت للجازم.

(٣) كذا في ب، س: بالزاي المعجمة. وفي سائر الأصول: «عرفت» بالراء المهملة.

(٤) الهابي: الرماد الدقيق أو التراب المنتشر في الجوّ كالهباء، وأنشد الأصمعيّ: