الأخطل
  طبقة واحدة، فجعلها ابن سلَّام أوّل طبقات الإسلام. ولم يقع إجماع على أحدهم أنه أفضل، ولكل واحد منهم طبقة تفضّله عن(١) الجماعة.
  / أخبرنا محمد بن العبّاس اليزيديّ قال حدّثني عمّي الفضل قال حدّثني إسحاق بن إبراهيم عن أبي عبيدة قال:
  جاء رجل إلى يونس فقال له: من أشعر الثلاثة؟ قال: الأخطل. / قلنا: من الثلاثة؟ قال: أيّ ثلاثة ذكروا فهو أشعرهم. قلنا: عمّن تروي هذا؟ قال: عن عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق الحضرميّ(٢) وأبي عمرو بن العلاء وعنبسة الفيل وميمون الأقرن الذين ماشوا(٣) الكلام وطرقوه. أخبرنا به أحمد بن عبد العزيز قال قال أبو عبيدة عن يونس، فذكر مثله وزاد فيه: لا كأصحابك هؤلاء لا بدويّون ولا نحويّون. فقلت(٤) للرجل: سله وبأيّ شيء فضّلوه؟
  قال: بأنه كان أكثرهم عدد طوال جياد ليس فيها سقط ولا فحش وأشدّهم تهذيبا للشعر. فقال أبو وهب الدقّاق: أما إنّ حمّاد(٥) وجنّادا كانا لا يفضّلانه. فقال: وما حمّاد وجنّاد! لا نحويّان ولا بدويّان ولا يبصران الكسور ولا يفصحان، وأنا أحدّثك عن أبناء تسعين أو أكثر أدّوا إلى أمثالهم ماشوا الكلام وطرقوه حتى وضعوا أبنيته فلم تشذّ عنهم زنة كلمة، وألحقوا السليم بالسليم والمضاعف بالمضاعف والمعتلّ بالمعتلّ والأجوف بالأجوف وبنات الياء بالياء وبنات الواو بالواو، فلم تخف عليهم كلمة عربيّة، وما علم حمّاد وجنّاد!.
  / قال هارون حدّثني القاسم بن يوسف عن الأصمعيّ:
  أنّ الأخطل كان يقول تسعين بيتا ثم يختار منها ثلاثين فيطيّرها(٦).
  أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال أخبرنا محمد بن سلَّام قال سمعت سلمة بن عيّاش وذكر أهل المجلس جريرا والفرزدق والأخطل ففضّله سلمة عليهما. قال: وكان إذا ذكر الأخطل يقول: ومن مثل الأخطل وله في كل [بيت] شعر بيتان! ثم ينشد قوله:
  ولقد علمت إذا العشار تروّحت ... هدج الرّئال تكبّهنّ شمالا(٧)
  أنّا نعجّل بالعبيط(٨) لضيفنا ... قبل العيال ونضرب الأبطالا
(١) لعلها: «تفصله على الجماعة».
(٢) كذا في «طبقات ابن سلام» ص (٦، ٧، ٨، ١٦) نسخة الشنقيطي مصححة بقلمه. وفي الأصول: «الخضري».
(٣) ماش الكلام: خلطه. ويقال: طرق النجاد الصوف إذا ضربه بالمطرقة وندفه. يريد أنهم يخلطون الكلام ثم يغر بلونه ليستخرجوا أحسنه. وفي ب، س: «ماثوا» بالثاء المثلثة، وهو أيضا بمعنى خلط.
(٤) كذا في ج. وفي سائر الأصول: «فقال للرجل» وهو تحريف.
(٥) يعني حمادا الراوية المعروف. وجناد هو جناد بن واصل الكوفي مولى بني عاضدة، من رواة الأخبار والأشعار لا علم له بالعربية، وكان يصحف ويكسر الشعر ولا يميز بين الأعاريض المختلفة فيخلط بعضها ببعض، وهو من علماء الكوفيين القدماء، وكان كثير الحفظ في قياس حماد الراوية عن «معجم الأدباء» لياقوت ج ٢ ص ٤٢٥).
(٦) أي يذيعها.
(٧) كذا في «ديوانه» ص ٤٣. والعشار من الإبل:) التي أتت عليها عشرة أشهر من ملقحها. وتروّحت: ذهبت في الرواح. والرئال:
أولاد النعام. والهدج: عدو متقارب. وقوله: تكبهن شمالا أي تكبهن الريح شمالا، يريد وهي هابة شمالا، وفي ب، س:
ولقد علمت إذا الرياح تناوحت ... هوج الرئال تكبهن شمالا
وفي سائر الأصول: ... الرياح تناوحت هدج الرئال ...».
(٨) العبيط من اللحم: الطري (الطازج) غير النضيج.