كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

سائب خاثر

صفحة 447 - الجزء 8

  القرشيّين من السبعة المعدودين من شعراء العرب. والغناء⁣(⁣١) لسائب خاثر ثقيل أوّل بالسبّابة عن الكلبيّ وحبش، وذكر أنّ لحن سائب خاثر ثقيل / أوّل بالوسطى، ووافق إسحاق في ذلك، وذكر أنّ الثقيل الأوّل لنشيط. وذكر يونس أن فيه لحنا لمعبد ولم يجنّسه، وذكر الهشاميّ أن لحن معبد خفيف ثقيل، وأنّ فيه لابن سريج خفيف رمل.

  سمعه معاوية عند ابنه يزيد فأعجبه وأمر يزيد بصلته

  : أخبرنا أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ وإسماعيل بن يونس قالوا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني قبيصة بن عمرو قال حدّثنا محمد بن المنهال عن رجل حدّثه، وذكر ذلك أيضا ابن الكلبيّ عن لقيط قال:

  أشرف معاوية بن أبي سفيان ليلا على منزل يزيد ابنه، فسمع صوتا أعجبه، واستخفّه السماع فاستمع قائما حتى ملّ، ثم دعا بكرسيّ فجلس عليه، واشتهى الاستزادة فاستمع بقية ليلته حتى ملّ. فلما أصبح غدا عليه يزيد.

  فقال له: يا بنيّ! من كان جليسك البارحة؟ قال: أيّ جليس يا أمير المؤمنين؟ واستعجم عليه. قال: عرّفني فإنه لم يخف عليّ شيء من أمرك. قال: سائب خاثر. قال: فأخثر⁣(⁣٢) له يا بنيّ من برّك وصلتك، فما رأيت بمجالسته بأسا.

  سمعه معاوية عند ابن جعفر فأعجب به

  : قال ابن الكلبيّ: قدم معاوية المدينة في بعض ما كان يقدم؛ فأمر حاجبه بالإذن للناس؛ فخرج الآذن ثم رجع فقال: ما بالباب أحد. فقال معاوية: وأين الناس؟ قال: عند ابن جعفر. فدعا ببغلته فركبها ثم توجّه إليهم. فلما جلس قال بعض القرشيّين / لسائب خاثر: مطرفي هذا لك - وكان من خزّ - إن أنت اندفعت تغنّي ومشيت بين السّماطين وأنت تغنّي. فقام ومشى بين السماطين وغنّى:

  لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضّحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما

  فسمع منه معاوية وطرب وأصغى إليه حتى سكت وهو مستحسن لذلك، ثم قام وانصرف إلى منزله. وأخذ سائب خاثر المطرف.

  قتله يوم الحرة وكلام يزيد فيه

  : أخبرني حبيب بن نصر عن عمر بن شبّة عن الزّبيريّ، وأخبرني أبو بكر بن أبي شيبة البزّار قال حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز عن المدائنيّ قال:

  قتل سائب خاثر يوم الحرّة، وكان خشي على نفسه من أهل الشأم فخرج إليهم وجعل يحدّثهم ويقول: أنا مغنّ، ومن حالي وقصّتي كيت وكيت؛ وقد خدمت أمير المؤمنين يزيد وأباه قبله. قالوا: فغنّ لنا، فجعل يغنّي؛ فقام إليه أحدهم فقال له: أحسنت واللَّه! ثم ضربه بالسيف فقتله. وبلغ يزيد خبره ومرّ به اسمه في أسماء من قتل يومئذ فلم يعرفه وقال: من سائب خاثر هذا؟ فقيل له: هو سائب خاثر المغنّي. فعرفه فقال: ويله! ماله ولنا! ألم


(١) هذه الألحان رويت هكذا في أكثر الأصول وفي أ، م: «والغناء لسائب خاثر ثقيل أول بالوسطى ووافق إسحاق في ذلك وذكر أن الثقيل الأول للنشيط ... إلخ». وفي كلتا الروايتين اضطراب لا يخفى.

(٢) أخثر: أكثر.