كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

سلامة القس

صفحة 454 - الجزء 8

  ١٣ - ذكر سلَّامة القسّ وخبرها

  نشأة سلامة القس ومن أخذت عنه الغناء، وسبب تسميتها بذلك

  : كانت سلَّامة مولَّدة من مولَّدات المدينة وبها نشأت. وأخذت الغناء عن معبد وابن عائشة وجميلة ومالك بن أبي السّمح وذويهم فمهرت. وإنما سمّيت سلَّامة القسّ لأن رجلا يعرف بعبد الرحمن بن أبي عمّار الجشميّ من قرّاء أهل مكة، وكان يلقّب بالقسّ لعبادته، شغف بها وشهر، فغلب عليها لقبه. واشتراها يزيد بن عبد الملك في خلافة سليمان، وعاشت بعده، وكانت إحدى من اتّهم به الوليد من جواري أبيه حين قال له قتلته: ننقم عليك أنك تطأ جواري أبيك. وقد ذكرنا ذلك في خبر مقتله.

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال:

  كانت حبابة وسلَّامة القسّ من قيان أهل المدينة، وكانتا حاذقتين ظريفتين ضاربتين وكانت سلَّامة أحسنهما غناء، وحبابة أحسنهما وجها، وكانت سلَّامة تقول الشعر، وكانت حبابة تتعاطاه فلا تحسن. وأخبرني بذلك المدائنيّ عن جرير.

  وحدّثني الزّبيريّ قال حدّثني من رأى سلَّامة قال:

  ما رأيت من قيان المدينة فتاة ولا عجوزا أحسن غناء من سلَّامة. وعن جميلة أخذت الغناء.

  كانت لسهيل بن عبد الرحمن، وشعر ابن قيس الرقيات فيها

  : حدّثني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار وإسماعيل بن يونس قالا حدّثنا أبو زيد عمر بن شبّة قال حدّثني المدائنيّ قال:

  كانت حبابة وسلَّامة قينتين بالمدينة؛ أمّا سلَّامة فكانت لسهيل بن عبد الرحمن، ولها يقول ابن قيس الرّقيّات:

  /

  لقد فتنت ريّا وسلَّامة القسّا ... فلم تتركا للقسّ عقلا ولا نفسا

  فتاتان أمّا منهما فشبيهة ال ... هلال وأخرى منهما تشبه الشمسا

  وغنّاه مالك بن أبي السّمح. وفيها يقول ابن قيس الرّقيّات:

  أختان إحداهما كالشمس طالعة ... في يوم دجن وأخرى تشبه القمرا

  قال: وفتن القسّ بسلَّامة، وفيها يقول:

  أهابك أن أقول بذلت نفسي ... ولو أنّي أطيع القلب قالا

  حياء منك حتى سلّ جسمي ... وشقّ عليّ كتماني وطالا