كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

العباس بن الأحنف

صفحة 467 - الجزء 8

  سمعت إبراهيم بن العباس يصف العبّاس بن الأحنف، فقال: كان واللَّه ممّن إذا تكلَّم لم يحبّ سامعه أن يسكت، وكان فصيحا جميلا ظريف اللَّسان، لو شئت أن تقول كلامه كله شعر لقلت.

  حدّثني محمد بن يحيى قال حدّثني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر قال:

  رأيت نسخا من شعر العبّاس بن الأحنف بخراسان، وكان عليها مكتوب: «شعر الأمير أبي الفضل العبّاس».

  هو من عرب خراسان ومنشؤه بغداد

  : أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا محمد بن يزيد قال حدّثني صالح بن عبد الوهاب:

  أنّ العبّاس بن الأحنف كان من عرب خراسان، ومنشؤه ببغداد، ولم تزل العلماء / تقدّمه على كثير من المحدثين، ولا تزال قد ترى له الشيء البارع جدا حتى تلحقه بالمحسنين.

  / أخبرني محمد بن يحيى قال حدّثنا يموت بن المزرّع قال.

  سمعت خالي (يعني الجاحظ) يقول: لولا أنّ العبّاس بن الأحنف أحذق الناس وأشعرهم وأوسعهم كلاما وخاطرا ما قدّر أن يكثر شعره في مذهب واحد لا يجاوزه، لأنه لا يهجو ولا يمدح ولا يتكسّب ولا يتصرّف، وما نعلم شاعرا لزم فنا واحدا لزومه فأحسن فيه وأكثر.

  حدّثني محمد بن يحيى قال حدّثنا محمد بن القاسم بن خلَّاد قال: أنشد الحرمازيّ أبو عليّ وأنا حاضر للعبّاس بن الأحنف:

  صوت

  لا جزى اللَّه دمع عيني خيرا ... وجزى اللَّه كلّ خير لساني

  نمّ دمعي فليس يكتم شيئا ... ورأيت اللَّسان ذا كتمان

  كنت مثل الكتاب أخفاه طيّ ... فاستدلَّوا عليه بالعنوان

  - الغناء لعريب رمل - ثم قال الحرمازيّ: هذا واللَّه طراز يطلب الشعراء مثله فلا يقدرون عليه.

  لعنه أبو الهذيل العلاف لشعر قاله فهجاه

  : أخبرني محمد قال حدّثني حسين بن فهم قال سمعت العطويّ يقول:

  كان العبّاس بن الأحنف شاعرا مجيدا غزلا، وكان أبو الهذيل العلَّاف يبغضه ويلعنه لقوله:

  إذا أردت سلوا كان ناصركم ... قلبي، وما أنا من قلبي بمنتصر

  فأكثروا أو أقلَّوا من إساءتكم ... فكلّ ذلك محمول على القدر

  قال: فكان أبو الهذيل يلعنه لهذا ويقول: يعقد الكفر والفجور في شعره.

  / قال محمد بن يحيى: وأنشدني محمد بن العباس اليزيديّ شعرا للعباس أظنّه يهجو به أبا الهذيل - وما سمعت للعبّاس هجاء غيره -: