كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسبه وأخباره

صفحة 491 - الجزء 8

  هذا منّي، ويقربني⁣(⁣١) ويكرمني. فقال له: إن أبي كان لا يخاف من القالة في تقريبك ما أخاف، وإنّ اللسان إليّ فيك لأسرع منه إلى أبي. فقال حارثة:

  وكم من أمير قد تجبّر بعد ما ... مريت له الدنيا بسيفي فدرّت⁣(⁣٢)

  إذا ما هي احلولت نفى حق مقسمي ... ويقسم لي منها إذا ما أمرّت⁣(⁣٣)

  إذا زبنته عن فواق يريده ... دعيت ولا أدعى إذا ما أقرّت⁣(⁣٤)

  شعره لابن زياد وقد شاوره

  : وقال حارثة بن بدر أيضا، و [قد⁣(⁣٥)] شاوره عبيد اللَّه في بعض الأمر:

  أهان وأقصى ثم ينتصحونني ... ومن ذا الذي يعطى نصيحته قسرا

  رأيت أكفّ المصلتين عليكم ... ملاء وكفّي من عطاياكم صفرا

  متى تسألوني ما عليّ وتمنعوا ... الذي لي لم أسطع على ذلكم صبرا⁣(⁣٦)

  فقال له عبيد اللَّه: فإني معوّضك ومولَّيك، فولَّاه.

  هجاء رجل من بني كليب له حين حوّل زياد دعوته في قريش

  : أخبرني يحيى بن علي⁣(⁣٧) إجازة، قال: أنبأنا أحمد بن يحيى بن جابر البلاذريّ، قال: قال لي أبو اليقظان:

  حوّل زياد دعوة حارثة بن بدر و «ديوانه» في قريش، لمكانه منه، فقال⁣(⁣٨) [فيه] رجل من بني كليب يهجوه بذلك:

  شهدت بأن حارثة بن بدر ... غدانيّ اللَّهازم والكلام⁣(⁣٩)

  سجاح في كتاب اللَّه أدنى ... له من نوفل وبني هشام

  يعني: سجاح، التي ادّعت النبوة، وهي امرأة من بني تميم.

  شعره في احتراق داره

  : قال أحمد بن يحيى: وقال المدائني:

  احترقت دار حارثة بن بدر بالبصرة، أحرقها بعض أعدائه من بني عمه، فقال في ذلك:


(١) أ، ب: «وهو يقريني».

(٢) مريت له الدنيا: ذللتها لتعطي، وأصله من مري الناقة، إذا مسحت ضرعها لتدر.

(٣) احلولت: صارت حلوة. وفي أ، ب: «احولت».

(٤) الفواق، بالضم: اللبن يجتمع بين الحلبتين في الضرع. وزبنته: دفعته، وأصله في الناقة: إذا ضربت برجلها عند الحلب.

(٥) التكملة من ب.

(٦) أ، ب: «لا أستطيع لذلكم صبرا».

(٧) ب «يحيى بن علي بن يحيى».

(٨) التكملة من أ، ب.

(٩) اللهازم: جمع لهزمه، بكسر اللام، وهي ما نتأ تحت الأذنين. وغدانيها: أي يشبه غدانة فيها، وهي قبيلة، كما يشبهها في الكلام.