كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسبه وأخباره

صفحة 493 - الجزء 8

  فقال عبيد اللَّه بن زياد لحارثة بن بدر: أجبه. فاستعفاه⁣(⁣١) لمودة كانت بينهما، فأكرمه على ذلك وأقسم عليه [ليجيبّنه⁣(⁣٢)]، فقال:

  /

  تبدلت من أنس إنّه ... كذوب المودّة خوّانها

  أراه بصيرا بضرّ الخليل ... وخير⁣(⁣٣) الأخلَّاء عورانها⁣(⁣٤)

  فأجابه أنس فقال:

  إن الخيانة شرّ الخليل ... والكفر عندك ديوانها

  بصرت به في قديم الزمان ... كما بصر⁣(⁣٥) العين إنسانها

  فأجابه حارثة بن بدر فقال:

  ألكنى⁣(⁣٦) إلى أنس إنّه ... عظيم الحواشة⁣(⁣٧) عندي مهيب

  فما أبتغي عثرات الخليل ... ولا أبغين⁣(⁣٨) عليه الوثوب⁣(⁣٩)

  وما إن أرى ماله مغنما ... من الدهر إن أعوزتني الكسوب⁣(⁣١٠)

  فقال أنس:

  أحار بن بدر وأنت امرؤ ... لعمري المتاع إليّ الحبيب⁣(⁣١١)

  متى كان مالك لي مغنما ... من الدهر إن أعوزتني الكسوب⁣(⁣١٢)

  وشرّ الأخلَّاء عند البلاء ... وعند الرزيّة خلّ⁣(⁣١٣) كذوب

  / قال: فتهادى أنس وحارثة الشعر عند عبيد اللَّه زمانا، ووقع بينهما شرّ حتى قدم سلَّم بن زياد من عند يزيد بن معاوية عاملا على خراسان وسجستان، فجعل ينتخب ناسا من أهل البصرة والكوفة، وكان الذي بين عبيد اللَّه وبين سلم شيئا⁣(⁣١٤)، فأرسل سلَّم إلى أنس يعرض عليه صحبته وجعل له أن يستعمله على كورة، فقال له أنس: أمهلني حتى أنظر في أمري، وكتب إلى عبيد اللَّه بن زياد.


(١) س: فأجابه واستعفاه.

(٢) التكملة من أ، ب.

(٣) س: «وشر».

(٤) عوران: من جموع أعور. يريد الذين لا تقع عيونهم على الضر.

(٥) س: «تبصر».

(٦) الكنى إلى أنس: كن رسول إليه.

(٧) أ، ب: «القرابة» وهما بمعنى. تقول: لي في بني فلان حواشة، أي من ينصرني من قرابة أو ذي مودة.

(٨) س: «ولا ابتغى».

(٩) أ، ب: «عليه الذنوب».

(١٠) أ، ب: «من الدهر نائبات الخطوب».

(١١) أ، ب: «إليه حبيب».

(١٢) أ: «الخطوب». ب: «كسوب».

(١٣) أ، ب: «خب». والخب، بالفتح والكسر: الخداع الخبيث.

(١٤) س: «سبيبي».