كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

عبيد الله بن عبد الله بن طاهر

صفحة 31 - الجزء 9

  ماتت شاجي فرثاها:

  قال محمد بن الحسن: وماتت شاجي في حياة / عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر وكان عليلا، فقال يرثيها - وله فيه صنعة من خفيف الثّقيل الأوّل بالوسطى -:

  يمينا يقينا لو بليت بفقدها ... وبي نبض عرق للحياة أو النّكس

  لأوشكت قتل النفس قبل فراقها ... ولكنها ماتت وقد ذهبت نفسي

  له كتاب الآداب الرفيعة في الغناء:

  ومن نادر صنعة عبيد اللَّه وجيّد شعره قوله - وله فيه لحنان ثقيل أوّل وهزج، والثقيل الأوّل أجودهما -:

  أنفق إذا أيسرت غير مقتّر ... وأنفق على ما خيلت حين تعسر

  غير الجود يفنى المال والمال مقبل⁣(⁣١) ... ولا البخل يبقي المال والجدّ مدبر

  وأشعاره كثيرة جيّدة كثيرة النادر والمختار. وكتابه في النّغم وعلل الأغاني المسمّى «كتاب الآداب الرفيعة» كتاب مشهور جليل الفائدة دالّ على فضل مؤلَّفه.

  قص عليه الزبير بن بكار قصة فاستحسنها وأمر له بمال:

  أخبرني جحظة قال حدّثني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثني موسى بن هارون، فيما أرى، قال:

  / كنت عند عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر وقد جاءه الزّبير بن بكَّار فأعلمه أن المتوكَّل أو المعتزّ - وأراه المعتزّ - بعث إلى أخيه محمد بن عبد اللَّه بن طاهر يأمر بإحضاره وتقليده القضاء. فقال له الزّبير بن بكَّار: قد بلغت هذه السّنّ وأتولى القضاء! أو بعد ما رويت أنّ من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكَّين! فقال له: فتلحق بأمير المؤمنين بسرّ من رأى، فقال له: أفعل. فأمر له بمال ينفقه، وبظهر يحمله ويحمل ثقله. ثم قال له: إن رأيت يا أبا عبد اللَّه أن تفيدنا شيئا قبل أن نفترق! قال: نعم! انصرفت من عمرة المحرّم؛ فبينا أنا بأثاية⁣(⁣٢) العرج، إذا أنا بجماعة مجتمعة، فأقبلت إليهم وإذا رجل كان يقنص الظباء وقد وقع ظبي في حبالته فذبحه، فانتفض في يده فضرب بقرنه صدره فنشب القرن فيه فمات. وأقبلت فتاة كأنها المهاة، فلما رأت زوجها ميّتا شهقت ثم قالت:

  يا حسن لو بطل لكنّه أجل ... على الأثاية ما أودى به البطل

  يا حسن جمّع أحشائي وأقلقها ... وذاك يا حسن لولا غيره جلل

  أضحت فتاة نهد علانية ... وبعلها بين أيدي القوم محتمل

  قال: ثم شهقت فماتت. فما رأيت أعجب من الثلاثة: الظبي مذبوح، والرجل جريح ميت، والفتاة ميتة [حرّى⁣(⁣٣)].


(١) الرواية المشهورة: «والجد مقبل».

(٢) الأثاية: موضع في طريق الجحفة بينه وبين المدينة خمسة وعشرون فرسخا وهو بين الرويثة والعرج، مر به النبي في خرجة له إلى مكة وهو محرم. ورواه بعضهم «أثاثة» بثاء مثلثة أخرى كما ورد في الأصول، ورواه آخرون «أثانة» بالنون. وكلاهما خطأ. راجع «معجم البلدان» لياقوت و «معجم ما استعجم» للبكري.

(٣) زيادة عن ج.