كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

عبيد الله بن عبد الله بن طاهر

صفحة 33 - الجزء 9

  كتاركة بيضها بالعراء ... وملبسة بيض أخرى جناحا

  لكان أشبه منه ببيته. ولو قال ابن هرمة مع بيته:

  وإني وتركي ندى الأكرمين ... وقدحي بكفّيّ زندا شحاحا

  كمهريق ماء بالفلاة وغرّه ... سراب أذاعته رياح السمائم

  كان أشبه به. ثم قال: ولكن ابن هرمة قد تلافى ذلك بعد فقال:

  وإنك إذ أطمعتني منك بالرضا ... وأيأستني من بعد ذلك بالغضب

  كممكنة من ضرعها كفّ حالب ... ودافقة من بعد ذلك ما حلب

  وقد أتى عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بهذا الكلام بعينه في «الآداب الرفيعة»⁣(⁣١). وإنما أخذه من أبي نواس على ما روي عنه.

  ومما يجمع النغم العشر صوت ابن أبي مطر في شعر نصيب:

  ووجدت في كتاب مؤلَّف في النّغم غير مسمّى الصانع: أنّ من الأصوات التي تجمع النّغم العشر صوت ابن أبي مطر المكيّ في شعر نصيب وهو:

  صوت

  ألا أيّها الرّبع المقيم بعنبب⁣(⁣٢) ... سقتك السّوافي من مراح ومعزب

  بذي هيدب أمّا الرّبى تحت ودقه ... فتروى وأمّا كلّ واد فيزعب⁣(⁣٣)

  / عروضه من الطويل. ويروى «الربع الخلاء بعنبب» أي الخالي. وعنبب: موضع، ويروى «سقتك الغوادي من مراد». والمراد. الموضع الذي يرتاد فيرعى فيه الكلأ. والمراح: الموضع / الذي تروح إليه المواشي وتبيت فيه⁣(⁣٤).

  وفي الحديث أنه رخّص في الصلاة في مراح الغنم ونهى عنها في أعطان الإبل. والمعزب: الموضع الذي يعزب فيه الرجل عن البيوت والمنازل. وأصل العزوب: البعد يقال عزب عنه رأيه وحلمه أي بعد، والعزب مأخوذ من ذلك.

  وهيدب السماء أطراف⁣(⁣٥) تراه في أذنابه كأنه معلَّق به. قال أوس⁣(⁣٦) بن حجر:

  دان مسفّ فويق الأرض هيدبه ... يكاد يدفعه من قام بالراح

  ويزعب: يطفح، يقال: زعبه السيل إذا ملأه⁣(⁣٧). الشعر لنصيب يقوله في عبد العزيز بن مروان.


(١) في الأصول هنا: «الآداب التسعة» وهو تحريف، وقد تقدّم اسم هذا الكتاب.

(٢) عنبب (بضم العين وسكون النون وضم الباء الأولى كما رواه السكري، وفي أمثلة سيبويه أنه بفتح الباء): موضع.

(٣) أورد صاحب «اللسان» هذا البيت في مادة «رعب» بالراء المهملة. ورعب وزعب بمعنى، يستعملان لازمين فيقال رعب الوادي أو زعب إذا تملأ، ومتعديين فيقال رعب السيل الوادي أو زعبه إذا ملأه. وروي في البيت أيضا «فيروي» بضم الياء وكسر الواو، وبنصب «كل» على أن تكون «الربى» «وكل واد» مفعولين مقدمين. (راجع «اللسان» في مادة رعب).

(٤) هذا المعنى للمراح بضم الميم. وأما بفتحها فهو الموضع الذي يروح إليه القوم أو يروحون منه كالمغدي للموضع الذي يغدي منه أو إليه.

(٥) كذا في الأصول. ولعل صوابه: «أطراف تراها في أذنابه كأنها معلقة به». والمراد بالسماء السحاب.

(٦) لقد ورد في «اللسان» في مادتي «هدب وسف» أن هذا البيت يروى أيضا لعبيد بن الأبرص.

(٧) في الأصول: «إذا علاه» والتصويب عن «معاجم اللغة». وقول المؤلف «يطفح» تفسير لمعنى الفعل لازما. وقوله بعد ذلك: «يقال زعبه السيل إذا ملأه» تفسير لمعناه متعديا. فكان ينبغي أن يكون «ويقال ... إلخ» بالواو للدلالة على أنه لازم ومتعد.