مسافر بن أبي عمرو بن أمية
  صوت
  كم خليل رزئته وابن عمّ ... وحميم قضت عليه المنون
  فتعزّيت بالتّأسّي وبالصب ... ر وإنّي بصاحبي لضنين
  غنّى في هذين البيتين يحيى المكَّيّ ثاني ثقيل بالوسطى من رواية ابنه والهشاميّ.
  وأنشدنا الحرميّ قال أنشدنا الزبير لأبي طالب بن عبد المطلَّب في مسافر بن أبي عمرو:
  ألا إنّ خير الناس غير مدافع ... بسرو سحيم(١) غيّبته المقابر
  / تبكَّي أباها أمّ وهب وقد نأى ... وريسان(٢) أمسى دونه ويحابر
  على خير حاف من معدّ وناعل ... إذا الخير يرجى أو إذا الشرّ حاضر
  تنادوا ولا أبو أميّة فيهم ... لقد بلغت كظَّ النفوس الحناجر(٣)
  قال وقال النّوفليّ: إنّ البيتين:
  ألا إنّ هندا أصبحت منك محرما
  والذي بعده لهشام بن المغيرة، وكانت عنده أسماء بنت مخرمة النّهشليّة، فولدت له أبا جهل وأخاه الحارث، ثم غضب عليها فجعلها مثل ظهر أمّه - وكان أوّل ظهار كان - فجعلته قريش طلاقا. فأرادت أسماء الانصراف إلى أهلها، فقال لها هشام: وأين الموعد؟ قالت: الموسم. فقال لها ابناها: أقيمي معنا فأقامت معهما. فقال المغيرة بن عبد اللَّه وهو أبو زوجها: أما واللَّه لأزوجنّك غلاما ليس بدون هشام، فزوّجها أبا ربيعة ولده الآخر، فولدت له عيّاشا وعبد اللَّه. فذلك قول هشام:
  تحدّثنا أسماء أن سوف نلتقي ... أحاديث طسم(٤)، إنما أنت حالم
  وقوله:
  ألا أصبحت أسماء حجرا محرّما ... وأصبحت من أدنى حموّتها حما
  قال النّوفليّ في خبره وحدّثني أبي: أنه إنما كان مسافر خرج إلى النّعمان بن المنذر يتعرّض لإصابة مال ينكح به هندا، فأكرمه النعمان واستظرفه ونادمه وضرب عليه قبّة من أدم حمراء. وكان الملك إذا فعل ذلك برجل عرف قدره منه ومكانه عنده. وقدم أبو سفيان بن حرب في بعض تجاراته، فسأله مسافر عن حال الناس بمكة، / فذكر له أنه تزوّج هندا؛ فاضطرب مسافر حتى مات. وقال بعض الناس: إنه استسقى بطنه فكوي فمات بهذا السبب. قال النّوفليّ: فهو أحد من قتله العشق.
(١) كذا في ج: ونسخه الشنقيطي مصححة بقلمه. وسرو سحيم: موضع. وفي سائر الأصول: «بسرولنجم» وهو تحريف.
(٢) في م: «ديسان». ويحابر: اسم قبيلة.
(٣) يريد لقد بلغت القلوب الحناجر لكظ النفوس أي لكربها وامتلائها بالهم والحزن.
(٤) طسم: إحدى القبائل العربية القديمة البائدة.