كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

الأرمال الثلاثة المختارة

صفحة 48 - الجزء 9

  هل أنت أمير المؤمنين فإنّني ... بودّك من ودّ العباد لقانع

  متمّم أجر قد مضى وصنيعة ... لكم عندنا أو ما تعدّ الصنائع

  فكم من عدوّ سائل ذي كشاحة ... ومنتظر بالغيب ما أنت صانع

  فلم يغن عنه ذلك ولم يخل سبيل عمر، حتى ولي يزيد بن عبد الملك فأقدمه وقد غنّته حبابة بصوت في شعره.

  / أخبرنا إسماعيل بن يونس قال حدّثنا عمر بن شبّة قال قال هشام بن حسّان:

  كان السبب في ردّ يزيد بن عبد الملك الأحوص أن جميلة غنّته يوما:

  كريم قريش حين ينسب والَّذي ... أقرّت له بالملك كهلا وأمردا

  فطرب يزيد وقال: ويحك! من كريم قريش هذا؟ قالت: أنت يا أمير المؤمنين، ومن عسى أن يكون ذلك غيرك! قال: ومن قائل هذا الشعر فيّ؟ قالت: الأحوص وهو منفيّ. فكتب بردّه / وحمله إليه وأنفذ إليه صلات سنيّة. فلمّا قدم إليه أدناه وقرّبه وأكرمه. وقال له يوما في مجلس حافل: واللَّه لو لم تمتّ إلينا بحقّ ولا صهر ولا رحم إلَّا بقولك:

  وإني لأستحييكم أن يقودني ... إلى غيركم من سائر الناس مطمع

  لكفاك ذلك عندنا. قال: ولم يزل ينادمه وينافس به حتى مات. وأخبار الأحوص في هذا السبب وغيره قد مضت مشروحة في أوّل ما مضى من ذكره وأخباره؛ لأن الغرض ها هنا ذكر بقية خبره مع عمر بن أبي ربيعة في الشعرين اللَّذين أنكرهما عليهما عمر بن عبد العزيز وأشخصا من أجلهما.

  سليمان بن عبد الملك ونفيه ابن أبي ربيعة إلى الطائف:

  أخبرنا محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا أحمد بن زهير قال: مصعب بن عبد اللَّه قال:

  حجّ سليمان بن عبد الملك وهو خليفة، فأرسل إلى عمر بن أبي ربيعة فقال له: ألست القائل:

  فكم من قتيل ما يباء به دم ... ومن غلق رهنا إذا لفّه منى

  ومن مالئ عينيه من شيء غيره ... إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى

  يسحّبن أذيال المروط بأسؤق ... خدال وأعجاز مآكمها روا

  / أوانس يسلبن الحليم فؤاده ... فيا طول ما شوق ويا طول مجتلى⁣(⁣١)

  قال نعم. قال لا جرم واللَّه لا تحضر الحجّ العام مع الناس! فأخرجه إلى الطائف.

  ابن أبي عتيق وغناء ابن سريج:

  أخبرنا الحسين بن يحيى قال قال حمّاد قرأت على أبي حدّثني ابن الكلبيّ عن أبي مسكين وعن صالح بن حسّان قال:

  قدم ابن أبي عتيق إلى مكة فسمع غناء ابن سريج:


(١) كذا في أو «ديوانه» طبع مطبعة السعادة ص ١٦. وفي سائر الأصول: «ويا طول ما اجتلى».