الأرمال الثلاثة المختارة
  فلم أر كالتجمير منظر ناظر ... ولا كليالي الحجّ أفلتن ذا هوى
  فقال: ما سمعت كاليوم قطَّ، وما كنت أحسب أن مثل هذا بمكة، وأمر له بمال وحدره معه إلى المدينة، وقال:
  لأصغّرنّ(١) إلى معبد نفسه ولأهدينّ إلى المدينة شيئا لم ير أهلها مثله حسنا وظرفا وطيب مجلس ودماثة خلق ورقّة منظر ومقة(٢) عند كل أحد. فقدم به المدينة وجمع بينه وبين معبد. فقال لابن سريج: ما تقول فيه؟ قال: إن عاش كان مغنّي بلاده.
  أبو السائب وابن سريج:
  وقال إسحاق وحدّثني المدائني عن جرير قال: قال لي أبو السائب يوما: ما معك من مرقصات ابن سريج؟
  فغنّيته:
  فلم أر كالتجمير منظر ناظر
  فقال: كما أنت حتى أنحرّم لهذا بركعتين.
  الوليد بن عبد الملك يأمر والي المدينة أن يشخص إليه ابن سريج:
  حدّثني الحسين قال قال حمّاد قرأت على أبي وحدّثني أبو عبد اللَّه الزبيري قال:
  كتب الوليد بن عبد الملك إلى عامل مكة أن أشخص إليّ ابن سريج. فورد الرسول إلى الوالي، فمرّ في بعض طريقه على ابن سريج وهو جالس بين قرني بئر وهو يغنّي:
  فلم أر كالتجمير منظر ناظر
  / فقال له الرسول: تاللَّه ما رأيت كاليوم قطَّ ولا رأيت أحمق ممّن يتركك ويبعث إلى غيرك. فقال له ابن سريج: أمّا واللَّه ما هو بقدم ولا ساق، ولكنه بقسم وأرزاق. ثم مضى الرسول فأوصل الكتاب، وبعث الولي إلى ابن سريج فأحضره. فلما رآه الرسول قال: قد عجبت أن يكون المطلوب غيرك.
  عبد اللَّه بن الزّبير يعجب لسماع غناء ابن سريج:
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزبير بن بكَّار قال حدّثني عمّي قال رقي عبد اللَّه بن الزّبير أبا قبيس(٣) ليلا، فسمع / غناء فنزل هو وأصحابه يتعجّبون وقال: لقد سمعت صوتا إن كان من الإنس إنه لعجب، وإن كان من الجن لقد أعطوا شيئا كثيرا. فاتّبعوا الصوت فإذا ابن سريج يتغنّى في شعر عمر:
  فلم أر كالتجمير منظر ناظر
  ومن هذه الأرمال الثلاثة:
(١) في جميع الأصول: «لأقصدن» وقد صححها الأستاذ الشنقيطي في نسخته كما صححناها.
(٢) المقة: المحبة.
(٣) أبو قبيس: جبل بمكة.