كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

الأرمال الثلاثة المختارة

صفحة 51 - الجزء 9

  والدّخول وحومل وتوضح والمقراة: مواضع ما بين إمّرة إلى أسود⁣(⁣١) العين. وقال أبو عبيدة في سقط اللوى وسقط الولد وسقط النار / سقط وسقط وسقط ثلاث لغات. وقال أبو زيد: اللوى: أرض تكون بين الحزن والرمل فصلا بينهما. وقال الأصمعيّ: قوله «بين الدّخول فحومل» خطأ ولا يجوز إلا بواو «وحومل»؛ لأنه لا يجوز أن يقال:

  رأيت فلانا بين زيد فعمرو، إنما يقال وعمرو؛ ويقال: رأيت زيدا فعمرا إذا رأى كلّ / واحد منهما بعد صاحبه.

  وقال غيره: يجوز «فحومل» كما يقال: مطرنا بين الكوفة فالبصرة، كأنه قال: من الكوفة إلى البصرة، يريد أن المطر لم يتجاوز ما بين هاتين الناحيتين؛ وليس هذا مثل بين زيد فعمرو. ويعف رسمها: يدرس. ونسجتها: ضربتها مقبلة ومدبرة فعفتها. يعني أن الجنوب تعفي هذا الرسم إذا هبّت وتجيء الشمأل فتكشفه. وقال غير أبي عبيدة: المقراة ليس اسم موضع إنما هو الحوض الذي يجمع فيه الماء. والرسم: الأثر الذي لا شخص له. ويروي «لما نسجته» يعني الرسم. ويقال عفا يعفو عفوّا وعفاء؛ قال الشاعر:

  على آثار من ذهب العفاء

  يعني محو الأثر. وفاطمة التي خاطبها فقال «أفاطم مهلا» بنت العبيد بن ثعلبة بن عامر بن عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة، وهي التي يقول فيها:

  لا وأبيك ابنة العامريّ⁣(⁣٢)

  «وأزمعت صرمي»، يقال أزمعت وأجمعت وعزمت وكله سواء. يقول: إن كنت عزمت على الهجر فأجملي. ويقول الأسير: أجملوا في قتلي، قتلة أحسن من هذه، أي على رفق وجميل. والصّرم: القطيعة، والصّرم المصدر؛ يقال:

  / صرمته أصرمه صرما مفتوح إذا قطعته، ومنه سيف صارم أي قاطع، ومنه الصّرام⁣(⁣٣)، ومنه الصرائم وهي القطع من الرمل تنقطع من معظمه. قوله: «سلَّي ثيابي من ثيابك» كناية، أي اقطعي أمري من أمرك. وقوله تنسل: تبن عنها. ويقال للسنّ إذا بانت فسقطت والنّصل إذا سقط: نسل ينسل، وهو النسيل والنّسال.

  وقال قوم: الثياب: القلب. وقوله: «وما ذرفت عيناك» أي ما بكيت إلَّا لتضربي بسهميك في أعشار قلب مقتّل. قال الأصمعيّ: يعني أنك ما بكيت إلَّا لتخرقي قلبا معشّرا، أي مكسّرا، شبهه بالبرمة إذا كانت قطعا، ويقال: برمة أعشار. قال: ولم أسمع للأعشار واحدا. يقول: لتضربي بسهميك أي بعينيك فتجعلي قلبي مخرّقا فاسدا كما يخرّق الجابر أعشار البرمة؛ فالبرمة تنجبر إذا أخرقت وأصلحت، والقلب لا ينجبر. قال: ومثله قوله:

  رمتك ابنة البكريّ عن فرع ضالة

  أي نظرت إليك فأفرحت قلبك. وقال غير الأصمعيّ وهو قول الكوفيين: إنما هذا مثل أعشار الجزور، وهي تنقسم


(١) إمرة: منزل في طريق من البصرة بعد القريتين إلى جهة مكة، وبعد رامة وهي منهل. وأسود العين: جبل بنجد يشرف على طريق البصرة إلى مكة.

(٢) يريد قوله:

فلا وأبيك ابنة العامري ... لا يدعي القوم أني أفرّ

في قصيدته التي مطلعها:

أحار بن عمرو كأني خمر ... ويعدو على المرء ما يأتمر

(٣) الصرام (بفتح الصاد وكسرها): جذاذ النخل أي أوان إدراكه.