كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

- سبعة ابن سريج

صفحة 169 - الجزء 9

  فرجع ابن سريج وردّ الغريض وقال: لا خير لنا عند قوم هذا غناء غلام فيهم يصيد الطير، فكيف بمن داخل الجونة!.

  تعظيم ابن سريج لمعبد وأخذه عنه:

  وأظرف من ذلك من أخباره وأدلّ على تعظيم ابن سريج معبدا ما أخبرني به أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثني عليّ بن سليمان النّوفليّ، قال حدّثني أبي قال:

  التقى ابن سريج ومعبد ليلة بعد افتراق طويل وبعد عهد؛ فتساء لا عما صنعا من الأغاني بعد افترافهما؛ فتغنّى هذا وتغنّى هذا؛ ثم تغنّى ابن سريج لحنه في:

  /

  أنا الهالك المسلوب مهجة نفسه ... إذا جاوزت مرّا⁣(⁣١) وعسفان عيرها

  فغنّاه مرسلا لا صيحة فيه. فقال له معبد: أفلا حسّنته بصيحة! قال: فأين أضعها؟ قال: في:

  غدت سافرا والشمس قد ذرّ قرنها

  قال: فصح أنت فيه حتى أسمع منك. قال: فصاح فيه معبد الصّيحة التي يغنّى بها فيه اليوم. فاستعاده ابن سريج حتى أخذه فغنّى صوته كما رسمه معبد فحسن به جدّا. وفي هذا دليل يبين فيه التحامل على معبد في الحكاية.

  صوت

  غدت سافرا والشمس قد ذرّ قرنها ... فأغشى شعاع الشمس منها سفورها

  وقد علمت شمس النهار بأنّها ... إذا ما بدت يوما سيذهب نورها

  أنا الهالك المسلوب مهجة نفسه ... إذا جاوزت مرّا وعسفان عيرها

  أهاجتك سلمى إذ أجدّ بكورها ... وهجّر يوما للرّواح بعيرها

  الشعر يقال: إنه لطريف العنبريّ. والغناء لابن سريج خفيف ثقيل أوّل بالوسطى في مجراها عن ابن المكَّيّ، وذكر عمرو أنه لسياط. ولإبراهيم في الثالث والأوّل والرابع خفيف رمل مطلق في مجرى الوسطى عن إسحاق وعمرو.

  وفيه لبسباسة ثقيل / أوّل بالبنصر عن حبش. وفيه لابن جامع لحن عن حبش من رواية أبي أيّوب المدينيّ.

  ومن سبعة ابن سريج:

  صوت

  أصوات من سبعة ابن سريج في شعر ابن أبي ربيعة:

  قرّب جيراننا جمالهم ... ليلا فأضحوا معا قد ارتفعوا

  ما كنت أدري بوشك بينهم ... حتى رأيت الحداة⁣(⁣٢) قد طلعوا


(١) يريد مر الظهران وهو موضع على مرحلة من مكة. وعسفان على مرحلتين منها.

(٢) كذا أ، م. وفي سائر الأصول: «الغداة» وهو تحريف.