ترجمة أبي الفرج الأصفهاني مؤلف كتاب الأغاني
  سبحان من يعلم ما خلفنا ... وبين أيدينا وتحت الثرى
  والحمد للَّه على ما أرى ... وانقطع الخطب وزال المرا
  وقال من قصيدة:
  وإذا رأيت فتى بأعلى رتبة ... في شامخ من عزّه المترفّع
  قالت لي النفس العزوف بفضلها ... ما كان أولاني بهذا الموضع
  قال:
  الدهر يلعب بالفتى فيهيضه ... طورا ويجبر عظمه فيراش(١)
  وكذا رأينا الدهر في إعراضه ... ينحى وفي إقباله ينتاش(٢)
  ومما قال في النسيب:
  أدلّ(٣) فيا حبّذا من مدلّ ... ومن ظالم لدمي مستحلّ
  إذا ما تعزّز قابلته ... بذلّ وذلك جهد المقلّ
  وقال من أبيات:
  مرّت بنا تخطر في مشيها ... كأنما قامتها بأنه
  هبّت لنا ريح فمالت بها ... كما تثنّى غصن ريحانه
  فتيّمت قلبي وهاجت له ... أحزانه قدما وأشجانه
  قال ابن عبد الرحيم: حدّثني أبو نصر الزجاج قال: كنت جالسا مع أبي الفرج الأصبهاني في دكَّان في سوق الورّاقين، وكان أبو الحسن علي بن يوسف بن البقّال الشاعر جالسا عند أبي الفتح بن الجزّار الورّاق وهو ينشد أبيات إبراهيم بن العبّاس الصّوليّ التي يقول فيها:
  رأى خلَّتي من حيث يخفى مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلَّت
  فلما بلغ إليه استحسنه وكرره؛ ورآه أبو الفرج فقال لي: قم إليه فقل له: قد أسرفت في استحسان هذا البيت، وهو كذلك، فأين موضع الصنعة فيه؟ فقلت له ذاك؛ فقال: قوله «فكانت قذى عينيه» فعدت إليه وعرّفته، فقال: عد إليه فقل له: أخطأت، الصنعة في قوله «من حيث يخفى مكانها». قال ياقوت: وقد أصاب كل واحد منهما حافة من الغرض؛ فإن الموضعين معا غاية في الحسن وإن كان ما ذهب إليه أبو الفرج أحسن.
  مؤلفاته
(١) يراش: أي يصير له ريش، والمراد اليسار وحسن الحال. ويقال: راشه يريشه إذا أحسن إليه؛ وأصله من الريش؛ لأن الفقير المملق لا ينهض كالمقصوص الجناح من الطير.
(٢) ينتاش: ينقذ؛ يقال: انتاشني فلان من التهلكة، أي أنقذني.
(٣) يقال: أدل عليه، إذا وثق بمحبته. فأفرط عليه. ويقال: هي تدلّ عليه أي تجترئ عليه.