غناء الواثق
  بحديث أغضبه عليه، إلى أن قال له: واللَّه إنه ليجهد منذ أمس على أن أصالحه فما أفعل. فقال الواثق في ذلك:
  يا ذا الذي بعذابي ظلّ مفتخرا ... هل أنت إلَّا مليك جار إذ قدرا
  لولا الهوى لتجازينا على قدر ... وإن أفق مرّة منه فسوف ترى
  قال: وغنّى الواثق وعلَّويه فيه لحنين، ذكر الهشاميّ أن لحن الواثق خفيف ثقيل، وفي أغاني علَّويه: لحنه في هذا الشعر خفيف رمل.
  غنى في شعر لعلي بن الجهم:
  حدّثني الصّوليّ قال حدّثني بن أبي العيناء عن أبيه عن إبراهيم بن الحسن بن سهل قال:
  كنّا وقوفا على رأس الواثق في أوّل مجالسه التي جلسها لمّا ولي الخلافة، فقال: من ينشدنا شعرا قصيرا مليحا؟ فحرصت على أن أعمل شيئا فلم يجئني، فأنشدته لعليّ بن الجهم:
  لو تنصّلت إلينا ... لوهبنا لك ذنبك
  ليتني أملك قلبي ... مثلما تملك قلبك
  أيّها الواثق بالل ... هـ لقد ناصحت ربّك
  سيّدي ما أبغض العي ... ش إذا فارقت قربك
  أصبحت حجّتك العلي ... أوحزب اللَّه حزبك
  / فاستحسنها وقال: لمن هذه؟ فقلت: لعبدك عليّ بن الجهم. فقال: خذ ألف دينار لك وله؛ وصنع فيها لحنا كنّا نغنّي به بعد ذلك.
  يوم له مع المغنين بسر من رأى:
  أخبرني محمد بن يحيى بن أبي عبّاد قال حدّثني أبي قال:
  لما خرج المعتصم إلى عمّوريّة استخلف الواثق بسرّ من رأى، فكانت أموره كلَّها كأمور أبيه. فوجّه إلى الجلساء والمغنّين أن يبكَّروا إليه يوما حدّد لهم، ووجّه إلى إسحاق، فحضر الجميع. فقال لهم الواثق: إني عزمت على الصّبوح، ولست أجلس على سرير حتى أختلط بكم ونكون كالشئ الواحد، فأجلسوا معي حلقة، وليكن كلّ جليس إلى جانبه مغنّ، فجلسوا كذلك. فقال الواثق: أنا أبدأ؛ فأخذ عودا فغنّى وشربوا وغنّى من بعده، حتى انتهي إلى إسحاق فأعطي العود فلم يأخذه. فقال: دعوه. ثم غنّوا دورا آخر. فلما بلغ الغناء إلى إسحاق لم يغنّ، وفعل هذا ثلاث مرّات. فوثب الواثق فجلس على سريره وأمر الناس فأدخلوا، فما قال لأحد منهم: اجلس. ثم قال: عليّ بإسحاق!. فلما رآه قال: يا خوزيّ يا كلب! أتنزّل لك وأغنّي وترتفع عنّي! أترى لو أنّي قتلتك كان المعتصم يقيدني بك! ابطحوه! فبطح فضرب ثلاثين مقرعة ضربا خفيفا، وحلف ألَّا يغنّي سائر يومه سواه. فاعتذر وتكلَّمت الجماعة فيه، فأخذ العود وما زال يغنّي حتى انقضى ذلك اليوم، وعاد الواثق إلى مجلسه.
  شعره في خادم يهواه:
  وجدت في بعض الكتب عن ابن المعتزّ قال: كان الواثق يهوى خادما له فقال فيه: