أخبار عدي بن الرقاع ونسبه
  استحسن أبو عبيدة بيتا له:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد عن عليّ بن المغيرة قال:
  كان أبو عبيدة يستحسن بيت عديّ بن الرّقاع:
  وسنان أقصده النّعاس فرنّقت ... في عينه سنة وليس بنائم
  جدّا ويقول: ما قال أحد في مثل هذا المعنى أحسن منه في هذا الشعر. وفي هذا الشعر غناء، نسبته:
  صوت
  لولا الحياء وأن رأسي قد عسا ... فيه المشيب لزرت أمّ القاسم
  وكأنّها وسط النساء أعارها ... عينيه أحور من جآذر جاسم
  وسنان أقصده النّعاس فرنّقت ... في عينه سنة وليس بنائم
  ألمم على طلل عفا متقادم ... بين الذّؤيب(١) وبين غيب النّاعم
  / عروضه من الكامل. الجآذر: جمع جؤذر وهي أولاد البقر الوحشيّة. وجاسم: موضع. ويروى في هذا الشعر «عاسم» مكان «جاسم». والوسنان: النائم، والوسن النوم، الواحدة منه سنة. والتّرنيق: الدنوّ من الشيء يريد أن يفعله، يقال: رنّقت العقاب لصيدها إذا دنت منه، وترنيقها أيضا أن تقصّر عن الخفقان بجناحيها. ويقال: طير مرنّقة إذا جاءت تطير ثم أرادت الوقوع ومدّت أجنحتها فلم تخفق وترجّحت. ويقال للقوم إذا قصّروا في سيرهم، وللسابح إذا قصّر في الخفق بيديه ورجليه: قد رنّقوا ترنيقا. الشعر لعديّ بن الرّقاع. والغناء لابن مسجح خفيف ثقيل أوّل بالسبّابة في مجرى الوسطى عن إسحاق، وفيه ثقيل أوّل بالبنصر ينسب إليه أيضا، وذكر الهشاميّ أنه من منحول يحيى بن المكَّيّ إليه.
  استحسن أبو عمرو شعره واستحسن مدني الغناء به:
  أخبرني محمد بن يحيى الصّوليّ قال حدّثني محمد بن عبد اللَّه المعروف بالحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو قال:
  كنت عند أبي ورجل يقرأ عليه شعر عديّ بن الرّقاع. فلما قرأ عليه القصيدة التي يقول فيها:
  لولا الحياء وأنّ رأسي قد عسا ... فيه المشيب لزرت أمّ القاسم
  قال أبي: أحسن واللَّه عديّ بن الرّقاع!. قال: وعنده شيخ مدنيّ جالس، فقال الشيخ: واللَّه لئن كان عديّ أحسن لما أساء أبو عبّاد. قال أبي: ومن هو أبو عبّاد؟ قال: معبد. واللَّه لو سمعت لحنه في هذا الشعر لكان طربك أشدّ واستحسانك له أكثر. فجعل أبي يضحك.
(١) كذا في «معجم البلدان» في الكلام عن الذؤيب وغيب الناعم. وفي الأصول: «الركيك» وهو تحريف. والذؤيب: ماء بنجد لبني دهمان بن نصر بن معاوية. وذكر ياقوت أن غيب الناعم موضع في شعر عدي بن الرقاع، وذكر البيت.