كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عدي بن الرقاع ونسبه

صفحة 214 - الجزء 9

  مدح عبيدة بن عبد الرحمن حين عزله الوليد فجفاه الوليد ثم رضي عنه:

  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدّثنا أحمد بن جرير عن محمد بن سلَّام قال:

  / عزل الوليد بن عبد الملك عبيدة بن عبد الرحمن عن الأردنّ وضربه وحلقه وأقامه للناس وقال / للمتوكَّلين به: من أتاه متوجّعا وأثنى عليه فأتوني به. فأتى عديّ بن الرّقاع، وكان عبيدة إليه محسنا، فوقف عليه وأنشأ يقول:

  فما عزلوك مسبوقا ولكن ... إلى الخيرات سبّاقا جوادا

  وكنت أخي وما ولدتك أمّي ... وصولا باذلا لي مسترادا

  وقد هيضت لنكبتك القدامى ... كذاك اللَّه يفعل ما أرادا

  فوثب المتوكَّلون به إليه، فأدخلوه إلى الوليد وأخبروه بما جرى. فتغيّظ عليه الوليد وقال له: أتمدح رجلا قد فعلت به ما فعلت!. فقال: يا أمير المؤمنين، إنه كان إليّ محسنا، ولي مؤثرا، وبي برّا؛ ففي أيّ وقت كنت أكافئه بعد هذا اليوم!. فقال: صدقت وكرمت! فقد عفوت عنك وعنه لك! فخذه وانصرف. فانصرف به إلى منزله.

  عدّه جرير أنسب الشعراء لشعر له:

  أخبرني محمد بن القاسم الأنباريّ قال حدّثني أحمد بن يحيى ثعلب قال: قال نوح بن جرير لأبيه: يا أبت، من أنسب الشعراء؟ قال له: أتعني ما قلت؟ قال: إنّي لست أريد من شعرك إنما أريد من شعر غيرك. قال: ابن الرّقاع في قوله:

  لولا الحباء وأنّ رأسي قد عسا ... فيه المشيب لزرت أمّ القاسم

  الثلاثة الأبيات. ثم قال لي: ما كان يبالي أن لم يقل بعدها شيئا.

  عجب جرير من توفيقه في تشبيه دقيق:

  أخبرني الحسن بن عليّ عن هارون بن محمد بن عبد الملك عن أحمد بن الحارث الخرّاز عن المدائنيّ قال:

  قال جرير: سمعت عديّ بن الرّقاع ينشد:

  تزجي أغنّ كأنّ إبرة روقه⁣(⁣١)

  / فرحمته من هذا التشبيه فقلت: بأيّ شيء يشبّهه ترى! فلما قال:

  قلم أصاب من الدّواة مدادها

  رحمت نفسي منه

  تابع روح بن زنباع ثم خالفه وتابع نائل بن قيس في نسبهم:

  أخبرني اليزيديّ قال حدّثني عمّي عبيد اللَّه عن ابن حبيب عن أبي عبيدة قال:

  مال روح بن زنباع الجذاميّ إلى يزيد بن معاوية لمّا فصل بين الخطبتين فقال: يا أمير المؤمنين، ألحقنا


(١) الروق: القرن.