كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار المعتز في الأغاني ومع المغنين وما جرى هذا المجرى

صفحة 217 - الجزء 9

١٥ - أخبار المعتزّ في الأغاني ومع المغنّين وما جرى هذا المجرى

  شعره في جارية يهواها:

  حدّثني محمد بن يحيى الصّوليّ قال حدّثني عليّ بن محمد بن نصر⁣(⁣١) قال حدّثني جدّي حمدون بن إسماعيل قال:

  اصطبح المعتزّ في يوم ثلاثاء ونحن بين يديه ثم وثب فدخل، واعترضته جارية كان يحبّها ولم يكن ذلك اليوم من أيامها فقبّلها وخرج؛ فحدّثني بما كان وأنشدني لنفسه في ذلك:

  صوت

  إني قمرتك يا سؤلي ويا أملي ... أمرا مطاعا بلا مطل ولا علل

  حتّى متى يا حبيب النفس تمطلني ... وقد قمرتك⁣(⁣٢) مرّات فلم تف لي

  يوم الثلاثاء يوم سوف أشكره ... إذ زارني فيه من أهوي على عجل

  فلم أنل منه شيئا غير قبلته ... وكان ذلك عند أعظم النّفل

  قال: وعمل فيه لحن خفيف وشربنا عليه سائر يومنا. الغناء في هذه الأبيات لعريب رمل عن الهشاميّ. ولأبي العبيس في الثالث والرابع هزج.

  طارحه بنان المغني في بيت من الشعر وتغنى فيه:

  أخبرني محمد بن يحيى الصّوليّ قال حدّثني أحمد بن يزيد المهلَّبيّ قال حدّثني أبي قال:

  كان المعتزّ يشرب على بستان مملوء من النّمّام⁣(⁣٣) وبين النّمّام شقائق النعمان، فدخل إليه يونس بن بغا وعليه قباء أخضر؛ فقال المعتزّ:

  صوت

  شبّهت حمرة خدّه في ثوبه ... بشقائق النّعمان في النّمّام

  ثم قال: أجيزوا. فابتدر بنان المغنّي، وكان ربّما عبث بالبيت بعد البيت، فقال:

  والقدّ منه إذا بدا في قرطق⁣(⁣٤) ... كالغصن في لين وحسن قوام

  فقال له المعتزّ: فغنّ فيه الآن، فعمل فيه لحنا. لحن بنان في هذين البيتين من خفيف الثقيل الثاني وهو الماخوريّ.


(١) في الأصول: «محمد بن علي بن نصر». وقد تقدّم هذا الاسم غير مرة كما أثبتناه.

(٢) كذا في أ، م. وفي سائر الأصول: «قصدتك».

(٣) النمام: نبت ورقة كالسذاب عطريّ قويّ الرائحة. سمي بذلك لسطوع رائحته.

(٤) القرطق: قباء ذو طاق واحد (معرب).