أخبار دريد بن الصمة ونسبه
  أغرته أمه بالاستعانة بأخواله في ثأر أخيه فأبى وقتل ذؤاب بن أسماء:
  وقال ابن الكلبيّ: قالت ريحانة بنت معد يكرب لدريد بن الصّمّة بعد حول من مقتل أخيه: يا بنيّ إن كنت عجزت عن طلب الثأر بأخيك فاستعن بخالك وعشيرته من زبيد، فأنف من ذلك وحلف لا يكتحل ولا يدّهن ولا يمسّ طيبا ولا يأكل لحما ولا يشرب خمرا حتى يدرك ثأره، فغزا هذه الغزاة وجاءها بذؤاب بن أسماء فقتله بفنائها، وقال: هل بلغت ما في نفسك؟! قالت: نعم متّعت بك! وروي عن ابن الكلبيّ لريحانة في هذا المعنى أبيات لم تحضرني وقد كتبت خبرها.
  أخوه قيس بن الصمة ومقتله:
  وأمّا قتيل أبي بكر الذي ذكره دريد فإنه أخوه قيس بن الصّمّة، قتله بنو أبي بكر بن كلاب. وكان السبب في ذلك، فيما أخبرني به هاشم بن محمد عن دماذ عن أبي عبيدة، أنّه غزا في قومه بني خزاعة من بني جشم، فأغاروا على إبل لبني كعب بن أبي بكر بن كلاب، فانطلقوا بها. وخرج بنو أبي بكر بن كلاب في طلبها حتى إذا دنوا منهم قال عمرو بن سفيان الكلابيّ، وكان حازما عاقلا، امكثوا، ومضى هو متنكَّرا حتى لقي رجلا من بني خزاعة فسلَّم عليه واستسقاه فسقاه وانتسب له هلاليّا، فسأله عن قومه وأين مرعى إبلهم، وأعلمه أنه جاء رائدا(١) لقومه يريد مجاورتهم، فخبّره الرجل بكلّ ما أراد، فرجع إلى قومه وقد عرف بغيته، فصبح القوم فظفرت بهم بنو كلاب وقتلوا قيس بن الصّمّة، وذهبوا بإبل بني خزاعة وارتجعوا إبلهم(٢). وكان يقال لعمرو بن سفيان ذو السيفين، لأنه كان يلقى الحرب ومعه سيفان خوفا من أن يخونه أحدهما. وإيّاه عنى دريد بن الصّمّة بقوله:
  إنّ امرءا بات عمرو بين صرمته(٣) ... عمرو بن سفيان ذو السّيفين مغرور
  يا آل سفيان ما بالي وبالكمو ... هل تنتهون وباقي القول مأثور؟
  يا آل سفيان ما بالي وبالكمو ... أنتم كبير وفي الأحلام عصفور
  هلَّا نهيتم أخاكم عن سفاهته ... إذ تشربون وغاوي الخمر مدحور؟
  لا أعرفن لمّة سوداء داجية ... تدعو كلابا وفيها الرمح مكسور
  لن تسبقوني ولو أمهلتكم(٤) شرفا ... عقبى إذا أبطأ الفحج(٥) المخاصير(٦)
  خبر الحرب بين بني عامر وبني جشم وبين أسد وغطفان:
  وأخبرنا بخبر ابتداء هذه الحروب محمد بن العبّاس اليزيديّ قال قرأت على أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابيّ قال:
(١) في ب، س، ح: «زائرا» وهو تحريف.
(٢) في ب، س: «أموالهم».
(٣) الصرمة بكسر الصاد: القطيع من الإبل والغنم اختلف في عدده.
(٤) في ب، س: «أهملتكم».
(٥) الفحج بضم الفاء وسكون الحاء: جمع أفحج أو فحجاء، وصف من الفحج بفتح الفاء والحاء وهو تباعد ما بين أوساط الساقين من الرجل والدابة.
(٦) المخاصير: جمع مخصور وهو الذي يشتكي خصره.