أخبار إبراهيم بن العباس ونسبه
  لما أخذت أمانا ... إلَّا من الإخوان
  ومن أخبار المعتضد باللَّه الجارية مجرى هذا الكتاب.
  المعتضد وغلامه بدر:
  حدّثني عمّي عن جدّي رحمهما اللَّه قال قال لي عبيد اللَّه بن سليمان، وكان يأنس بي أنسا شديدا لقديم الصّحبة وائتلاف المنشأ: دعاني المعتضد يوما فقال:
  / ألا تعاتب بدرا(١) على ما لا يزال يستعمله من التخرّق في النّفقات والإثابات والزيادات والصّلات! وجعل يؤكَّد القول عليّ في ذلك؛ فلم أخرج عن حضرته حتى دخل إليه بدر فجعل يستأمره في إطلاقات مسرفة ونفقات واسعة وصلات سنيّة وهو يأذن له في ذلك كلَّه. فلما خرج رأى في وجهي إنكارا لما فعله بعد ما جرى بيني وبينه؛ فقال لي: يا عبيد اللَّه قد عرفت ما في نفسك، وأنا وإيّاه كما قال الشاعر:
  صوت
  في وجهه شافع يمحو إساءته ... من القلوب مطاع حيثما شفعا
  مستقبل الذي يهوى وإن كثرت ... منه الإساءة مغفور لما صنعا
  وفي هذين البيتين خفيف رمل.
  كان المعتضد يطرب لغناء ابن العلاء في شعر الوليد بن يزيد:
  حدّثني محمد بن إبراهيم قريض قال حدّثني أحمد بن العلاء قال:
  غنّيت المعتضد:
  كلَّلاني توّجاني ... وبشعري غنّياني(٢)
  أطلقاني من وثاقي ... واشدداني بعناني
  فاستحسنه جدّا، ثم قال لي: ويحك يا أحمد! أما ترى زهو الملك في شعره وقوله:
  كلَّلاني توّجاني ... وبشعري غنّياني
  واستعاده مرارا، ثم وصلني كلّ مرّة استعاده بعشرة آلاف درهم، وما وصل بها مغنّيا قبلي / ولا بعدي.
  قال: واستعاده منّي ستّ مرّات ووهب لي ستّين ألفا، وقال النّوشجانيّ: بل وصله بعشرة آلاف درهم مرّة واحدة.
(١) كان بدر هذا غلام المعتضد، ولاه الشرطة يوم ولي الخلافة، ثم ولاه بعد ذلك فارس. (انظر «تاريخ ابن الأثير» ص ٣١٧، ٣٢٨، ٣٣٢، ٣٣٥ ج ٧). قتله المكتفي سنة ٢٨٩ لأنه أبى أن يبايعه. (انظر سبب مقتله بإسهاب في «تاريخ الطبري» ق ٣ ص ٢٢٠٩ - ٢٢١٦).
(٢) هذا من شعر الوليد بن يزيد (انظر ج ٧ ص ٩٣ من هذه الطبعة).