4 - أخبار ابن سريج ونسبه
  ثناء الشعبيّ عليه
  قال حمّاد وحدّثني أبي عن هارون بن مسلم(١) عن محمد بن زهير السّعديّ الكوفيّ عن أبي بكر بن عيّاش عن الحسن بن عمرو الفقيميّ قال:
  دخلت على الشّعبيّ، فبينا أنا عنده في غرفته، إذ سمعت صوت غناء، فقلت: أهذا في جوارك؟ فأشرف بي على منزله، فإذا بغلام كأنه فلقة قمر وهو يتغنّى - قال إسحاق: وهذا الغناء لابن سريج -:
  وقمير بدا ابن خمس وعشري ... ن له قالت الفتاتان قوما(٢)
  قال: فقال لي الشّعبيّ: أتعرف هذا؟ قلت لا. فقال: هذا الذي أوتي الحكم صبيّا، هذا ابن سريج.
  ثناء ابن سريج على نفسه في تغنيه بشعر لعمر بن أبي ربيعة
  وأخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى قال حدّثني أبو أيّوب المدينيّ قال: حدّثني الهشاميّ الربعيّ عن إسحاق الموصليّ قال:
  تغنّى ابن سريج في شعر لعمر بن أبي ربيعة وهو:
  صوت
  خانك من تهوى فلا تخنه ... وكن وفيّا إن سلوت عنه
  واسلك سبيل وصله وصنه ... إن كان غدّارا فلا تكنه
  عسى تباريح(٣) تجيء منه ... فيرجع الوصل ولم تشنه
  قال المكَّيّون: قال ابن سريج: ما تغنّيت بهذا الشعر قطَّ إلا طننت أنّي أحلّ محلّ الخليفة.
  قال مؤلف هذا الكتاب أبو الفرج الأصفهانيّ: وجدت في هذا الشعر لحنين - أحدهما ثقيل أوّل والآخر رمل - مجهولين جميعا، فلا أدري أيّهما لحنه.
  وصف ابن سريج للمصيب المحسن من المغنين
  ونسخت من كتاب العتّابيّ: أخبرني عون بن محمد قال حدّثني عبد اللَّه بن العباس بن الفضل بن الرّبيع عن جدّه الفضل عن ابن جامع عن سياط عن يونس الكاتب عن مالك بن أبي السّمح قال:
  سألت ابن سريج عن قول الناس: فلان يصيب وفلان يخطئ، وفلان يحسن وفلان / يسيء؛ فقال: المصيب المحسن من المغنّين هو الذي يشبع الألحان، ويملأ الأنفاس، ويعدّل الأوزان، ويفخّم الألفاظ، ويعرف الصواب،
(١) في ح: «مروان بن سلمة». وفي ر: «هارون بن سلمة».
(٢) أصله قومن بنون التوكيد الخفيفة ثم أبدلت ألفا؛ كقوله:
ولا تعبد الشيطان واللَّه فاعبدا
(٣) التباريح: توهج الشوق.