أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه
٤ - أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه
  نسبه وشئ من أخبار آبائه:
  هو مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة. ويكنى أبا السّمط. واسم أبي حفصة يزيد. وذكر النّوفليّ عن أبيه أنه كان يهوديّا، فأسلم على يدي مروان بن الحكم. وأهله ينكرون ذلك ويذكرون أنه من سبي إصطخر(١)، وأنّ عثمان اشتراه فوهبه لمروان بن الحكم. وأخبرنا يحيى بن عليّ بن يحيى قال حدّثنا محمد بن إدريس بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة بمثل ذلك. قال: وشهد أبو حفصة الدّار(٢) مع مولاه مروان بن الحكم، وقاتل قتالا شديدا وقتل رجلا من أسلم يقال له بنان. وجرح مروان يومئذ، أصابته ضربة قطعت علباءه(٣) فسقط، فوثب عليه أبو حفصة واحتمله، فجعل يحمله مرّة على عنقه ومرّة يجرّه، فيتأوّه؛ فيقول له:
  اسكت واصبر؛ فإنه إن علموا أنك حيّ قتلت. فلم يزل به حتى أدخله دار امرأة من عنزة فداواه فيها حتى برئ؛ فأعتقه مروان ونزل له عن أمّ ولد له يقال لها سكَّر كانت له منها بنت يقال لها حفصة؛ فحضنها، فكني أبا حفصة؛ فحفصة بنت مروان. قال: وكان مروان إذا ولي المدينة وجّه أبا حفصة إلى اليمامة - وكانت مضافة إلى المدينة - ليجمع ما فيها من المال ويحمله إليه. قال: فمرّ أبو حفصة بقرية من قرى اليمامة يقال لها العرض، فوقف على باب فاستسقى ماء، فخرجت إليه جارية معصر(٤) فسقته فأعجبته؛ فسأل عنها ليشتريها؛ فقيل له:
  هي حرّة، وهي مولاة لبني عامر بن حنيفة. فمضى حتى قدم حجرا(٥)، ثم تبعتها نفسه / فتزوّجها، فلم يخرج من اليمامة حتى حملت بيحيى بن أبي حفصة، ثم حملت بمحمد ثم بعبد اللَّه ثم بعبد العزيز. فلما وقعت فتنة ابن الزّبير خرج أبو حفصة مع مروان إلى الشأم.
  قال محمد بن إدريس وحدّثني أبي قال كان مروان بن أبي الجنوب يقول: أمّ يحيى بن أبي حفصة لحناء(٦) بنت ميمون من ولد النابغة الجعديّ، وإنّ الشعر أتى آل أبي حفصة بذلك السبب. قال: وشهد أبو حفصة مع مروان يوم الجمل وقاتل قتالا شديدا. فلما ظفر عليّ بن أبي طالب ¥، لجأ مروان إلى مالك بن مسمع فدخل داره ومعه أبو حفصة، فقال لمالك: أغلق بابك. فقال له مالك: إن لم أمنعك والباب مفتوح لم أمنعك والباب مغلق. فطلب عليّ ¥ مروان منه، فلم يدفعه إليه إلا برهينة، فدفع مالك الرهنية إلى أبي / حفصة، ومضى مروان إلى عليّ بن أبي طالب ¥، وقال لأبي حفصة: إن حدث حدث بصاحبك
(١) إصطخر: بلدة بفارس، وهي من أعيان حصونها ومدنها.
(٢) يريد دار عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه، وذلك أنه يوم هاجت الفتنة عليه لزم داره فحصروه فيها حتى قتلوه وسمي ذلك بيوم الدار.
(٣) العلباء: عصبة صفراء في صفحة العنق.
(٤) أعصرت المرأة: بلغت عصر شبابها وأدركت.
(٥) حجر: حاضرة اليمامة.
(٦) في ابن خلكان (ج ٢ ص ١٣٣): «حيا بنت ميمون».