كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه

صفحة 293 - الجزء 10

  فعليك بالرّهينة. فلما أتى مروان عليّا كساه كسوة، فكساها مروان أبا حفصة، فغدا فيها أبو حفصة. وبلغ عليّا ¥ ذلك فغضب وقال: كسوته كسوة فكساها عبدا!. وشهد أبو حفصة مع مروان مرج⁣(⁣١) راهط، وكان له بلاء. وكان أبو حفصة شاعرا.

  قال أبو أحمد قال لي محمد بن إدريس أخبرني أبي أنّ أبا السّمط مروان بن أبي الجنوب أنشده لأبي حفصة يوم الدّار:

  وما قلت يوم الدّار للقوم صالحوا ... أجل لا، ولا اخترت الحياة على القتل

  ولكنّني قد قلت للقوم جالدوا ... بأسيافكم لا يخلصنّ إلى الكهل

  / قال: وأنشدني لأبي حفصة أيضا:

  لست على الزّحام بالأصر⁣(⁣٢) ... إني لورّاد حياض الشرّ

  معاود للكرّ بعد الكرّ

  قال يحيى وأخبرني محمد بن إدريس قال:

  عكل تدّعي أنّ أبا حفصة منهم، يقولون: هو من كنانة بن عوف بن عبد مناة بن طابخة بن إلياس بن مضر، وقد كانوا استعدوا عليه مروان بن الحكم، وقالوا: إنما باعته عمّته لمجاعة؛ فأبى هو أن يقرّ لهم بذلك. ثم استعدوا عليه عبد الملك بن مروان أيضا؛ فأبى إلَّا أنه رجل من العجم من سبي فارس، نشأ في عكل وهو صغير.

  قال محمد بن إدريس: وولد السّموءل بن عادياء يدّعونه، والسموءل من غسّان. قال محمد: وزعم أهل اليمامة وعكل وغيرهم أنّ ثلاثة نفر أتوا مروان بن الحكم وهم أبو حفصة ورجل من تميم ورجل من سليم، فباعوا أنفسهم منه في مجاعة نالتهم؛ فاستعدى أهل بيوتاتهم عليهم، فأقرّ أحدهم وهو السّلميّ أنه إنما أتى مروان فباعه نفسه وأنه من العرب؛ فدسّ إليه مروان من قتله. فلمّا رأى ذلك الآخران ثبتا على أنهما موليان لمروان. فأخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال: زعم المدائنيّ أنه كان لأبي حفصة ابن يقال له مروان سمّاه مروان بن الحكم باسمه، وليس بالشّاعر، وأنه كان شجاعا مجرّبا، وأمدّ به عبد الملك بن مروان الحجّاج وقال له: قد بعثنا إليك مولاي ابن أبي حفصة وهو يعدل ألف رجل. فشهد معه محاربة ابن الأشعث، فأبلى بلاء حسنا وعقرت تحته عدّة خيول، فاحتسب بها الحجّاج عليه من عطائه. فشكاه إلى عبد الملك وذمّ الحجّاج عنده؛ فعوّضه مكان ما أغرمه الحجّاج. وكان يحيى جدّ مروان بن سليمان جوادا ممدّحا.

  جرير يودع ابنه يحيى بن أبي حفصة:

  أخبرنا محمد العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا أبو سعيد السّكَّريّ عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابيّ قال:

  أراد جرير أن يوجّه ابنه بلال بن جرير إلى الشام في بعض أمره، فأتى يحيى بن أبي حفصة فأودعه إيّاه، ثم بلغ بلالا أنّ بعض بني أميّة يريد الخروج، فقال لأبيه: لو كلَّفت هذا القرشيّ أمري! فقال له جرير:


(١) مرج راهط: في غوطة دمشق من ناحية الشرق، وفيه كانت الواقعة بين مروان بن الحكم والضحاك بن قيس داعية ابن الزبير، فقتل مروان فيها الضحاك وخلصت له الخلافة.

(٢) من الصرير يقال: صر الرجل إذا صاح صياحا شديدا.