أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه
  أزادا سوى يحيى تريد وصاحبا ... ألا إنّ يحيى نعم زاد المسافر
  / وما تأمن الوجناء(١) وقعة سيفه ... إذا أنفضوا(١) أو قلّ ما في الغرائر
  يحيى بن أبي حفصة يتزوّج بنت زياد بن هوذة:
  أخبرني أبو الحسن الأسديّ قال حدّثني الحسن بن عليل العنزيّ قال:
  تزوّج يحيى بن أبي حفصة بنت زياد بن هوذة بن شمّاس بن لأي بن أنف الناقة؛ فاستعدى عليه عمّاها عبد الملك بن مروان وقالا: أينكح إبراهيم بن عديّ وهو من كنانة منك وإليك بنتها، وينكح هذا العبد هذه!.
  فقال عبد الملك: بل العبد ابن العبد واللَّه إبراهيم بن عديّ - وكان مغمور النسب في الإسلام - واللَّه لهذا أشرف منه، وإن لأبيه من البلاء في الإسلام ما ليس لأبيها ولا لأبيكما، وما أحبّ أنّ لي بيحيى ألفا منكما. واللَّه لو تزوّج بنت قيس بن عاصم ما نزعتها منه. ومن زوّجه فقد زوّج ابني هذا، وأشار إلى ابنه سليمان. فخرجا وتخلَّف يحيى بعدهما، فقال: يا أمير المؤمنين، إنهما قد أنضيا ركابهما وأخلقا ثيابهما والتزما مؤونة في سفرهما، فإن رأى أمير المؤمنين أن يعوّضهما عوضا! فقال: أبعد ما قالا فيك! قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: بل أعطيك أنت ما سألت لهما وتعطيهما ما شئت. فكساه ووصله وحمله. فخرج يحيى إليهما ففرّق ذلك عليهما، وزوّج ابنه سليمان بنت أحدهما، وولدت بنت زياد منه أولادا.
  يهنئ الوليد بن عبد الملك ويعزيه:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا الفضل اليزيديّ قال حدّثني إسحاق بن إبراهيم الموصليّ قال حدّثني مروان بن أبي حفصة قال:
  دخل يحيى بن أبي حفصة على الوليد بن عبد الملك لمّا بويع له بالخلافة بعد أبيه، فهنّأه وعزّاه وأنشده:
  إنّ المنايا لا تغادر واحدا ... يمشي ببزّته ولا ذا جنّه
  لو كان خلق للمنايا مفلتا ... كان الخليفة مفلتا منهنّه
  بكت المنابر يوم مات وإنما ... بكت المنابر فقد فارسهنّه
  لمّا علاهنّ الوليد خليفة ... قلن ابنه ونظيره فسكنّه
  لو غيره قرع المنابر بعده ... لنكرنه فطرحنه عنهنّه
  زوج بنيه من بنات مقاتل المنقري فهجاه القلاح فرد عليه:
  أخبرني أبو الحسن الأسديّ قال حدّثنا العنزيّ قال:
  خطب يحيى بن أبي حفصة إلى مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم المنقريّ ابنته وأختيه، فأنعم(٢) له بذلك. فبعث يحيى إلى بنيه سليمان وعمر وجميل، فأتوه بالجفر(٣) فزوّجهن بنيه ثلاثتهم، ودخلوا بهنّ ثم حملوهن إلى حجر. فقال القلاح بن حزن المنقريّ في ذلك:
(١) الوجناء: الناقة الشديدة. وأنفض القوم: أرملوا، وقيل هلكت أموالهم وفني زادهم.
(٢) أنعم له: أفضل وقال نعم.
(٣) جفر: علم على أسماء مواضع كثيرة. (انظر «معجم البلدان» لياقوت في الكلام عليه).