كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه

صفحة 298 - الجزء 10

  مدح المهدي فلحنه اليزيدي فاعترض على سوء أدبه:

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني سليمان بن جعفر قال حدّثني أحمد بن عبد الأعلى قال:

  اجتمع مروان بن أبي حفصة وأبو محمد اليزيديّ عند المهديّ؛ فابتدأ مروان ينشد:

  طرقتك زائرة فحيّ خيالها

  فقال اليزيديّ: لحن واللَّه وأنا أبو محمد. فقال له مروان: يا ضعيف الرأي أهذا لي يقال! ثم قال:

  بيضاء تخلط بالجمال دلالها

  فقال له⁣(⁣١) بعض من حضر: يا أمير المؤمنين أيتكنّى في مجلسك! (يعني اليزيديّ) فقال: اعذروا شيخنا، فإن له حرمة.

  سأله الرشيد عن الوليد بن يزيد فأجابه:

  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق الموصليّ قال أخبرني مروان بن أبي حفصة قال قال لي الرشيد: هل دخلت على الوليد بن يزيد؟ فقلت: نعم دخلت مع عمومتي إليه.

  قال: فأخبرني عنه. قال: / فذهبت أتزحزح. فقال لي: إنّ أمير المؤمنين لا يكره ما تقول، فقل ما شئت.

  فقلت: يا أمير المؤمنين، كان من أجمل الناس وأشدّهم وأشعرهم وأجودهم. دخلت عليه مع عمومتي ولي لمّة فينانة، فجعل يغمز القضيب فيها ويقول: ولدتك سكَّر؟ - وهي أمّ ولد لمروان بن الحكم فوهبها⁣(⁣٢) لجديّ أبي حفصة فولدت منه - فقلت له: نعم. قال لي الرشيد: فهل تحفظ من شعره شيئا؟ قلت: نعم، سمعته ينشد في خلافته وذكر هشاما وتحامله عليه وما كان يريد من نقض أمره وولايته:

  ليت هشاما عاش حتى يرى ... مكتله⁣(⁣٣) الأوفر قد أترعا

  كلنا له الصاع التي كالها ... وما ظلمناه بها أصوعا

  وما أتينا ذاك عن بدعة ... أحلَّه الفرقان لي أجمعا

  فقال الرشيد: يا غلام، الدواة والقرطاس، فأتي بهما، فأمر الأبيات فكتبت.

  فضل خلف الأحمر شعرا له على شعر للأعشى:

  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّه قال حدّثني خلَّاد الأرقط قال:

  جاءنا مروان بن أبي حفصة إلى حلقة يونس، فأخذ بيد خلف الأحمر فأقامه، وأخذ خلف بيدي فقمنا إلى دار أبي⁣(⁣٤) عمير فجلسنا في الدهليز. فقال مروان لخلف: نشدتك اللَّه يا أبا محرز إلَّا نصحتني في شعري فإن


(١) كذا في الأصول ولعلها من زيادات النساخ.

(٢) كذا ب: الأصول ولعله «وهبها».

(٣) المكتل: زبيل يعمل من الخوص يحمل فيه التمر وغيره يسع خمسة عشر صاعا.

(٤) في ج: «ابني عمير».