أخبار مروان بن أبي حفصة ونسبه
  مدح المهدي فلحنه اليزيدي فاعترض على سوء أدبه:
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني سليمان بن جعفر قال حدّثني أحمد بن عبد الأعلى قال:
  اجتمع مروان بن أبي حفصة وأبو محمد اليزيديّ عند المهديّ؛ فابتدأ مروان ينشد:
  طرقتك زائرة فحيّ خيالها
  فقال اليزيديّ: لحن واللَّه وأنا أبو محمد. فقال له مروان: يا ضعيف الرأي أهذا لي يقال! ثم قال:
  بيضاء تخلط بالجمال دلالها
  فقال له(١) بعض من حضر: يا أمير المؤمنين أيتكنّى في مجلسك! (يعني اليزيديّ) فقال: اعذروا شيخنا، فإن له حرمة.
  سأله الرشيد عن الوليد بن يزيد فأجابه:
  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق الموصليّ قال أخبرني مروان بن أبي حفصة قال قال لي الرشيد: هل دخلت على الوليد بن يزيد؟ فقلت: نعم دخلت مع عمومتي إليه.
  قال: فأخبرني عنه. قال: / فذهبت أتزحزح. فقال لي: إنّ أمير المؤمنين لا يكره ما تقول، فقل ما شئت.
  فقلت: يا أمير المؤمنين، كان من أجمل الناس وأشدّهم وأشعرهم وأجودهم. دخلت عليه مع عمومتي ولي لمّة فينانة، فجعل يغمز القضيب فيها ويقول: ولدتك سكَّر؟ - وهي أمّ ولد لمروان بن الحكم فوهبها(٢) لجديّ أبي حفصة فولدت منه - فقلت له: نعم. قال لي الرشيد: فهل تحفظ من شعره شيئا؟ قلت: نعم، سمعته ينشد في خلافته وذكر هشاما وتحامله عليه وما كان يريد من نقض أمره وولايته:
  ليت هشاما عاش حتى يرى ... مكتله(٣) الأوفر قد أترعا
  كلنا له الصاع التي كالها ... وما ظلمناه بها أصوعا
  وما أتينا ذاك عن بدعة ... أحلَّه الفرقان لي أجمعا
  فقال الرشيد: يا غلام، الدواة والقرطاس، فأتي بهما، فأمر الأبيات فكتبت.
  فضل خلف الأحمر شعرا له على شعر للأعشى:
  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّه قال حدّثني خلَّاد الأرقط قال:
  جاءنا مروان بن أبي حفصة إلى حلقة يونس، فأخذ بيد خلف الأحمر فأقامه، وأخذ خلف بيدي فقمنا إلى دار أبي(٤) عمير فجلسنا في الدهليز. فقال مروان لخلف: نشدتك اللَّه يا أبا محرز إلَّا نصحتني في شعري فإن
(١) كذا في الأصول ولعلها من زيادات النساخ.
(٢) كذا ب: الأصول ولعله «وهبها».
(٣) المكتل: زبيل يعمل من الخوص يحمل فيه التمر وغيره يسع خمسة عشر صاعا.
(٤) في ج: «ابني عمير».