كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

4 - أخبار ابن سريج ونسبه

صفحة 253 - الجزء 1

  أرقت لذكر موقعها ... فحنّ لذكرها القلب

  إذا ما أخمدت ألقي ... عليها المندل⁣(⁣١) الرّطب

  فجعل الحاجّ يركب بعضهم بعضا، حتى جاء إنسان من آخر القطرات⁣(⁣٢) فقال: يا هذا! قد قطعت على الحاجّ وحبستهم، والوقت قد ضاق، فاتّق اللَّه وقم عنهم! فقام وسار الناس.

  استحقاق ابن سريج لجائزة سليمان بن عبد الملك للسابق من المغنين

  أخبرني الحسن قال حدّثني محمد بن زكريّا قال حدّثني يزيد بن محمد عن إسحاق الموصليّ:

  أنّ سليمان بن عبد الملك لمّا حجّ سبّق⁣(⁣٣) بين المغنّين بدرة⁣(⁣٤). فجاء ابن سريج وقد أغلق الباب، فلم يأذن له الحاجب، فأمسك حتى سكتوا وغنّى:

  سرى همّي وهمّ المرء يسري فأمر سليمان بدفع البدرة إليه.

  نسبة هذا الصوت

  صوت

  سرى همّي وهمّ المرء يسري ... وغاب النّجم إلا قيس⁣(⁣٥) فتر

  / أراقب في المجرّة⁣(⁣٦) كلّ نجم ... تعرّض للمجرّة كيف يجري

  لهمّ لا أزال له مديما ... كأنّ القلب أسعر حرّ جمر

  على بكر أخي ولَّى حميدا ... وأيّ العيش يصفو بعد بكر

  الشعر لعروة بن أذينة، والغناء لابن سريج ثاني ثقيل بالوسطى. وفيه لأبي عبّاد⁣(⁣٧) رمل بالوسطى، وذكر الهشاميّ أنّ هذا اللحن لصاحب الحرون⁣(⁣٨).


(١) المندل: العود.

(٢) كذا في ر. والقطرات: جمع قطر وهو جمع لقطار. وفي سائر النسخ: «القطران» بالنون. ولم نجد هذا الجمع في «كتب اللغة» ولا هو قياسيّ في هذا المفرد.

(٣) سبّق بين المغنين بدرة: جعلها سبقا بينهم، من غلب أخذها.

(٤) كذا في ت، ح، ر. وفي سائر النسخ: «ببدرة». وقد استعمله الزمخشريّ في أساس البلاغة متعدّيا بنفسه لا بالباء. والبدرة: كيس فيه ألف درهم أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار.

(٥) القيس والقاس: القدر. والفتر: ما بين طرف الإبهام وطرف المشيرة.

(٦) المجرّة: منطقة ضيقة بيضاء غير منتظمة تقسم الكرة السماوية قسمين متساويين تقريبا من الشمال الشرقيّ إلى الجنوب الغربيّ وعرضها متغير جدّا. ويرى «هرشل» أن عدد النجوم التي تشتمل عليها المجرّة لا تقلّ عن خمسين مليونا من النجوم ولا يمكن رؤية نجم منها على انفراده بالعين المجرّدة. وضوءها اللبنيّ الذي يرى في الليالي الخالية من القمر وعند ما يكون الجوّ صافيا ناشيء من اجتماعها وانضمام بعضها إلى بعض.

(٧) كذا في ح، ر، ب، س. وفي سائر النسخ: «لابن عباد» وقد تقدّم غير مرة أن أبا عباد كنية معبد المغني وقد تقدمت ترجمته، وأن ابن عباد هو محمد بن عباد مولى بني مخزوم. وستأتي ترجمته في الجزء السادس من «الأغاني».

(٨) كذا في أكثر النسخ. وفي ح، ر: «لحاجب الحزور». وقد ورد في ح، ر، ب، س بعد هذه الجملة قوله: «فقال سليمان: ينبغي