كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

وممن عرفت له صنعة من أولاد الخلفاء: عبد الله بن موسى الهادي

صفحة 375 - الجزء 10

وممن عرفت له صنعة من أولاد الخلفاء عبد الله بن موسى الهادي

  صوته في شعر له:

  فمن صنعته:

  صوت

  تقاضاك دهرك ما أسلفا ... وكدّر عيشك بعد الصّفا

  فلا تجز عنّ فإنّ الزمان ... رهين بتشتيت ما ألَّفا

  وما زال قلبك مأوى السرور ... كثير الهوى ناعما مترفا

  ألحّ عليك بروعاته ... وأقبل يرميك مستهدفا

  الشعر والغناء لعبد اللَّه بن موسى. ولحنه ماخوريّ وهو خفيف الثقيل الثاني بالوسطى.

  اختلف مع ثقيف الخادم في صوت فضرب ثقيف رأسه بالعود فحلم عليه، وكان معربدا:

  أخبرني أحمد بن جعفر حجظة قال حدّثني أبو حشيشة قال:

  كان عبد اللَّه بن موسى الهادي أضرب الناس بالعود وأحسنهم غناء. وكان له غلام أسود يقال له قلم، فعلَّمه الصوت وحذّقه. فاشترته منه أمّ جعفر بثلاثمائة ألف درهم. قال أبو حشيشة فحدّثني / دلشاد غلام عبد اللَّه بن موسى قال: كنت أنا وثقيف الخادم الأسود مولى الفضل بن الربيع نضارب مولاي عبد اللَّه بن موسى وقد أخذ النّبيذ من الجماعة. فضرب عبد اللَّه وثقيف صوتا فاختلفا فيه وتشاجرا. فقال عبد اللَّه: كذا أخذته من منصور زلزل. وقال ثقيف: كذا أخذته منه، وطال تشاجرهما فيه. وكان ثقيف معربدا يذهب عقله من أدنى شيء يشربه، وكان عبد اللَّه أيضا معربدا. فغضب ثقيف ورفع العود وهو لا يعقل، فضرب به رأس عبد اللَّه بن موسى فطوّقه إيّاه.

  وابتدر خدم عبد اللَّه؛ فقال لهم عبد اللَّه بن موسى: لا تمسّوه وأخرجوا العود من عنقي فأخرجوه. وكان عبد اللَّه بن موسى أشدّ خلق اللَّه عربدة أيضا، فرزق في ذلك اليوم حلما لم ير مثله، وقال لخدمه: إن قتلته قتلت كلبا وتحدّث الناس بذلك، ولكن اخلعوا عليه وهبوا له ولا يدخل منزلي أبدا.

  دعا الحفصي فآثر عليه أخاه إسماعيل:

  قال جحظة قال أبو حشيشة أخبرني الحفصيّ المعزفيّ قال:

  دعاني عبد اللَّه بن موسى يوما ودعاني أخوه إسماعيل؛ فآثرت إسماعيل لما كان في عبد اللَّه من العربدة. فلم نشعر إلَّا بعبد اللَّه قد وافانا وقت العصر على برذون أشهب متقلَّدا سيفا وهو سكران. فلما رأيناه تطايرنا في الحجر، فنزل عن دابّته وجلس. وجثا إسماعيل بين يديه إجلالا له، وقال له: يا سيّدي قد سررتني بتفضّلك ومصيرك إليّ. قال: دعني من هذا، من عندك؟ قال: فلان وفلان، فعدّ جماعة من كان عنده. قال له: هاتهم.

  فدعا بنا فخرجنا وقد متنا فزعا. فأقبل عليّ من بينهم فقال لي: يا حفصيّ! أبعث إليك ثلاثة أيام تباعا فتدعني وتجيء إلى إسماعيل! وضرب بيده إلى سيفه، / فقام إسماعيل بيني وبينه وقال: نعم! يجيئني ويدعك؛ لأنه لا ينصرف من عندك إلَّا بشجّة أو عربدة مع حرمان، ولا ينصرف من عندي إلَّا ببرّ مع خلعة ووعد محصّل، أفتلومه على ذلك!. فكفّ عبد اللَّه وكان شديد العربدة وقام وانصرف.