كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علي بن الجهم ونسبه

صفحة 387 - الجزء 10

  نصبوا بحمد اللَّه ملء قلوبهم ... شرفا وملء صدورهم تبجيلا

  ما ازداد إلا رفعة بنكوله⁣(⁣١) ... وازدادت الأعداء عنه نكولا

  هل كان إلَّا الليث فارق غيله ... فرأيته في محمل محمولا

  / لا يأمن الأعداء من شدّاته ... شدّا يفصّل هامهم تفصيلا

  ما عابه أن بزّ عنه لباسه ... فالسيف أهول ما يرى مسلولا

  إن يبتذل فالبدر لا يزري به ... أن كان ليلة تمّه مبذولا

  أو يسلبوه المال يحرن فقده ... ضيفا ألمّ وطارقا ونزيلا

  أو يحبسوه فليس يحبس سائر ... من شعره يدع العزيز ذليلا

  إنّ المصائب ما تعدّت دينه ... نعم وإن صعبت عليه قليلا

  واللَّه ليس بغافل عن أمره ... وكفى بربك ناصرا ووكيلا

  ولتعلمنّ⁣(⁣٢) إذا القلوب تكشّفت ... عنها الأكنّة من أضلّ سبيلا

  كتب المتوكل لطاهر بإطلاقه فأطلقه فقال شعرا:

  أخبرني عمّي قال حدّثنا محمد بن سعد قال:

  كتب المتوكَّل إلى طاهر بن عبد اللَّه بإطلاق عليّ بن الجهم. فلمّا أطلقه قال:

  أطاهر إنّي عن خراسان راحل ... ومستخبر عنها فما أنا قائل

  أأصدق أم أكني عن الصّدق⁣(⁣٣) أيّما ... تخيّرت أدّته إليك المحافل

  وسارت به الرّكبان واصطفقت به ... أكفّ قيان واجتبته القبائل

  / وإنّي بغالي الحمد والذّمّ عالم ... بما فيهما نامي الرّميّة⁣(⁣٤) ناضل

  وحقّا أقول الصّدق إنّي لمائل ... إليك وإن لم يحظ بالودّ مائل

  ألا حرمة ترعى ألا عقد ذمّة ... لجار ألا فعل لقول مشاكل

  ألا منصف إن لم نجد متفضّلا ... علينا ألا قاض من الناس عادل

  / فلا تقطعن غيظا عليّ أناملا ... فقبلك ما عضّت عليّ الأنامل


(١) يريد بنكوله الأولى التنكيل به، وبالثانية الفرار عنه والإحجام. ويلاحظ في الأولى أنه يقال: نكل به تنكيلا ونكل به مخفف والاسم النكال بالفتح.

(٢) في أ، م: «وليعلمن» بالياء المثناة من تحت.

(٣) في أ، م: «عن الحق».

(٤) الرمية النامية: التي أصيبت ثم غابت عن الرامي وماتت؛ يقال أنمى فلان الصيد فنمى؛ قال امرؤ القيس يهجو:

فهو لا تنمي رميته ... ما له لا عدّ من نفره

يريد علي بن الجهم أنه يصيب مرماه. وناضل: وصف من نضله إذا سبقه أو غلبه في المناضلة وهي المباراة في الرمي.