كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علي بن الجهم ونسبه

صفحة 388 - الجزء 10

  أطاهر إن تحسن فإنّي محسن ... إليك وإن تبخل فإنّي باخل

  فقال له طاهر: لا تقل إلَّا خيرا فإني لا أفعل بك إلَّا ما تحبّ؛ فوصله وحمله وكساه.

  جمش جارية فباعدته فقال شعرا فأجابته:

  أخبرني عمّي قال حدّثني محمد قال:

  كان عليّ بن الجهم في مجلس فيه قينة، فعابثها وجمّشها، فباعدته وأعرضت عنه، فقال فيها:

  خفي⁣(⁣١) اللَّه فيمن قد تبلت فؤاده ... وغادرته نضوا كأنّ به وقرا

  دعي البخل لا أسمع به منك إنّما ... سألتك أمرا ليس يعري لكم ظهرا

  فقالت له: صدقت يا أبا الحسن، ليس يعري لنا ظهرا، ولكنّه يملأ بطنا!

  كان يتشاءم من الحارثي فرآه فقال شعرا:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثنا إبراهيم بن المدبّر قال حدّثنا علي بن الجهم قال:

  كان الحارثيّ يجيء إلى حلوان⁣(⁣٢) وأنا أتولَّاها - وكان عليّ بن الجهم على مظالمها - فإذا وردها وقع الإرجاف⁣(⁣٣)، فلم يزل متّصلا حتى يخرج، فإذا خرج سكن الإرجاف. فأتاني مرّة وظهر كوكب الذّنب في تلك الليلة، فقلت:

  لمّا بدا أيقنت بالعطب ... فسألت ربّي خير منقلب

  لم يطلعا إلَّا لآبدة⁣(⁣٤) ... الحارثيّ وكوكب الذّنب

  / قال ابن المدبّر: وكان الحارثيّ أعور مقبّح الوجه، وفيه يقول أبو عليّ البصير:

  يا معشر البصراء لا تتطرّفوا⁣(⁣٥) ... جيشي ولا تتعرّضوا لنكيري

  ردّوا عليّ الحارثيّ فإنّه ... أعمى يدلَّس نفسه في العور⁣(⁣٦)

  انتحل شعرا لإبراهيم بن العباس:

  أخبرني الحسن قال حدّثنا ابن مهرويه قال أنشدني إبراهيم بن المدبّر لعليّ بن الجهم وذكر أن عليّا أنشده إيّاه لنفسه:


(١) كذا في الأصول بإثبات الياء في «خفي» في هذا البيت، وفي «دعي» في البيت بعده. ونحسب أن هذه الياء من زيادات النساخ، وأن الخطَّاب لمذكر والمراد به أنثى، كما يدل عليه سياق الكلام. وإلا فبعيد أن يقع مثل عليّ بن الجهم في هذا الخطأ اللغوي؛ إذ الأمر من «خاف» للمخاطبة «خافي».

(٢) حلوان: مدينة بالعراق.

(٣) الإرجاف هنا: الزلزلة؛ يقال رجفت الأرض وأرجفت.

(٤) الآبدة: الداهية الخالدة الذكر، والأمر العظيم تنفر منه وتستوحش.

(٥) تطرف الشيء: تحيفه وأخذ من أطرافه.

(٦) كذا في ح. وفي سائر النسخ: «بالعور».