كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي دلامة ونسبه

صفحة 414 - الجزء 10

  وخارج أخرجه حبّ الطَّمع ... فرّ من الموت وفي الموت وقع

  من كان ينوي أهله فلا رجع

  فلمّا وقرت في أذني انصرفت عنه هاربا. وجعل مروان يقول: من هذا الفاضح؟ إيتوني به، فدخلت في غمار النّاس فنجوت.

  أعطاه موسى بن داود مالا ليحج معه فهرب إلى السواد وسكر بالمال:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثني أحمد بن سعيد قال حدّثنا الزّبير قال حدّثنا جعفر بن الحسين اللَّهبيّ قال:

  / عزم موسى بن داود بن عليّ الهاشميّ⁣(⁣١) على الحج. فقال لأبي دلامة: احجج معي ولك عشرة آلاف درهم. فقال: هاتها؛ فدفعت إليه، فأخذها وهرب إلى السّواد، فجعل ينفقها هناك ويشرب بها الخمر. فطلبه موسى فلم يقدر عليه، وخشي فوت الحج فخرج. فلمّا شارف القادسيّة إذا هو بأبي دلامة خارجا⁣(⁣٢) من قرية إلى أخرى وهو سكران، فأمر بأخذه وتقييده وطرحه في محمل بين يديه ففعل ذلك به. فلمّا سار غير بعيد أقبل على موسى وناداه:

  يأيّها الناس قولوا أجمعون⁣(⁣٣) معا ... صلَّى الإله على موسى بن داود

  كأنّ ديباجتي خدّيه من ذهب ... إذا بدا لك في أثوابه السّود

  إنّي أعوذ بداود وأعظمه ... من أن أكلَّف حجّا يا بن داود

  خبّرت أنّ طريق الحجّ معطشة ... من الشراب وما شربي بتصريد⁣(⁣٤)

  واللَّه ما فيّ من أجر فتطلبه ... ولا الثناء على ديني بمحمود

  فقال موسى: ألقوه لعنه اللَّه عن المحمل ودعوه ينصرف، فألقي وعاد إلى قصفه بالسّواد، حتى نفدت العشرة آلاف⁣(⁣٥) درهم.

  أمره المنصور بملازمة الجماعة في مسجد القصر فقال شعرا يستعفيه:

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير عن جعفر بن الحسين اللَّهبيّ، وأخبرني عمّي عن الكرانيّ عن العمري عن الهيثم بن عديّ قالا⁣(⁣٦):

  قال أبو أيّوب الموريانيّ لأبي جعفر، وكان يشنأ أبا دلامة،: إنّ أبا دلامة معتكف على الخمر فما يحضر


(١) هو ابن عم السفاح، كان أبوه داود أمير مكة والمدينة، واستخلف حين احتضر على عمله ولده موسى. فاستعمل السفاح خاله زيادا على مكة، وموسى بن داود هذا على إمرة المدينة.

(٢) في الأصول: «خارج».

(٣) في الأصول المخطوطة: «أجمعين».

(٤) صرد شربه: قطعه.

(٥) راجع الحاشية رقم ٤ في الصفحة السابقة.

(٦) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «قال» وهو تحريف.