كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن المعتز

صفحة 436 - الجزء 10

  والمشهور عنه وعن أضداده وما يأتي من أخباره بعد ذلك ففي معنى ما شرطته من جنس ما هو المقصد في كتابي هذا.

  أصوات له في أشعار مختلفة:

  فمن صنعة عبد اللَّه بن المعتز في شعره على أنّ أكثرها هذه سبيله فيها:

  صوت

  هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا ... والدار جامعة أزمان أزمانا⁣(⁣١)

  صنعته في بيت واحد، ولحنه ثقيل أوّل.

  / ومن صنعته في الثقيل الأوّل أيضا - وفيه لعلَّويه رمل قديم، وما لحنه بدون لحن علَّويه -:

  صوت

  سقى جانب القصرين فالدّير فالحمى ... إلى الشّجر المحفوف بالطَّين والمدر⁣(⁣٢)

  ومن صنعته الظَّريفة⁣(⁣٣) الشّكلة مع جودتها:

  صوت

  وإبلائي من محضر ومغيب ... وحبيب منّي بعيد قريب

  لم ترد ماء وجهه العين إلَّا ... شرقت قبل ريّها برقيب

  زارته زرياب في يوم الشعانين وغناها:

  خفيف ثقيل، ابتداؤه نشيد.

  ومن صنعته، وله خبر أخبرني به عليّ بن هارون بن المنجّم عن زرياب قالت: زرت عبد اللَّه بن المعتزّ في يوم⁣(⁣٤) السّعانين، فسرّ بورودي وصنع من وقته لحنا في شعر عبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعيّ الذي له فيه هزج وهو:


(١) يقول: هل تعود ليال لنا مضت أزمان أزمان والدار جامعة أسباب سرورنا ولهونا. وأزمان أزمان يراد به أزمان لهونا وأزمان سرورنا أو نحو ذلك مما يضاف إليه أزمان ويناسب المقام. ومثل هذا التركيب مما يجب فيه البناء على فتح الجزأين كالمركب المزجى.

وكل ما ركب تركيب المزج من الظروف زمانية كانت أو مكانية يجب بناؤه، مثل قولك فلان يأتينا صباح مساء أي كل صباح ومساء، فحذف العاطف وركب الظرفان قصدا للتخفيف تركيب خمسة عشر. قال الشاعر:

ومن لا يصرف الواسين عنه ... صباح مساء يبغوه خيالا

وتقول: فلان يأتينا يوم يوم أي يوما فيوما؛ قال الشاعر:

آت الرزق يوم يوم فأجمل ... طلبا وابغ للقيامة زادا

ومثال ما ركب من ظروف المكان قولهم: سهلت الهمزة بين بين؛ ومنه قول الشاعر:

نحمي حقيقتنا وبع ... ض القوم يسقط بين بينا

والأصل بين هؤلاء وبين هؤلاء. (راجع شرح «شذور الذهب في معرفة كلام العرب» لابن هشام الأنصاري طبع بلاق سنة ١٢٨٢ ص ٣٠، ٣١). وقد ورد هذا البيت في الأصول: «أزمان أزمان» والنون عارية من الشكل، وليس فيها ألف الإطلاق. ورجعنا إلى «ديوانه» المطبوع فلم نجد فيه هذا البيت.

(٢) المدر: التراب المتلبد، أو هو قطع الطين اليابس.

(٣) كذا في ح. وفي ب، س: «الظريفة الشكل». وفي أ، م: «الطريفة الشكل».

(٤) في «لسان العرب» (في مادة سعن): «قال ابن الأثير: هو عيد لهم معروف قبل عيدهم الكبير بأسبوع، وهو سرياني، معرّب. وقيل: