كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن المعتز

صفحة 437 - الجزء 10

  صوت

  /

  أنا في قلبي من الظَّبي كلوم ... فدع اللَّوم فإنّ اللَّوم لوم⁣(⁣١)

  حبّذا يوم السّعانين وما ... نلت فيه من سرور لو يدوم

  الشعر لعبد اللَّه بن العبّاس، ولحنه فيه هزج - قالت: فصنع عبد اللَّه بن المعتزّ في البيت الثاني، وبعده بيت أضافه إليه، هزجا وهو:

  زارني مولاي فيه ساعة ... ليته واللَّه ما عشت يقيم

  ولحن ابن المعتزّ في «حبذا يوم السّعانين» هذا البيت خفيف رمل، وهو من نهايات الأغاني التي صنعها.

  ومن صنعته التي تظارف⁣(⁣٢) فيها وملح:

  زاحم كمّي كمّه فالتويا ... وافق قلبي قلبه فاستويا

  وطالما ذاقا الهوى فاكتويا ... يا قرّة العين ويا همّي ويا

  أراد هنا بقوله «ويا» ما يقوله الناس في حكاية الشيء الذي يخاطبون به الإنسان من جميل أو قبيح، فيقولون: قلت له يا سيّدي ويا مولاي ويا ويا، وكذلك ضدّه ليستغنى بالإشارة بهذا النّداء عن الشرح. ولحن ابن المعتزّ في هذا هزج.

  حرجت عليه نشر في صورة جميلة فقال فيها شعرا على البديهة:

  حدّثني جعفر بن قدامة قال:

  كنّا عند ابن المعتزّ يوما وعنده نشر وكان يحبها ويهيم بها، فخرجت علينا من صدر البستان / في زمن الربيع، وعليها غلالة معصفرة وفي يديها جنّابي⁣(⁣٣) باكورة


= هو جمع واحده سعنون «اه. والمشهور فيه» الشعانين «بالشين المعجمة؛ فقد ورد في» صبح الأعشى «(ج ٢ ص ٤١٥) في كلامه على أعياد القبط:» الثاني - الزيتونة، وهو عيد الشعانين، وتفسيره بالعربية التسبيح، يعملونه في سابع أحد من صومهم. وسنتهم فيه أن يخرجوا بسعف النخل من الكنيسة، وهو يوم ركوب المسيح لليعفور (وهو الحمار) في القدس ودخوله صهيون وهو راكب والناس يسبحون بين يديه، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر «اه.

(١) لوم: مخفف لؤم بالهمز.

(٢) في ب، س: «تظافر». وفي سائر الأصول: «تضافر». وظاهر أن كليهما تحريف.

(٣) كتب المرحوم العلامة أحمد تيمور باشا عن هذه الكلمة فيما كتبه عن لعب العرب في العدد الأوّل من المجلة السلفية (السنة الثانية ص ٣٤) شرحا لهذه اللعبة رأينا أن ننقله كله لما حواه من قيمة علمية كعادة الباشا عليه الرحمة والرضوان فيما يكتبه. قال:

«الجنابي - في» القاموس «:» والجناباء (بفتح أوله وثانيه) وكسماني (بضم أوله وفتح ثانيه) لعبة للصبيان. وفي» اللسان «:» الجناباء والجنابي لعبة للصبيان يتجانب الغلامان فيعتصم كل واحد من الآخر «ونحوه في» المخصص «».

وبعد أن نقل هذه العبارة عن «الأغاني» و «معاهد التنصيص» قال: «قلنا قوله» جنابي «باقلاء يظهر أنه شيء كالسلة ولم نعثر عليه في اللغة، ولعله مولد سمي بذلك لأنه يحمل في الجنب. والمفهوم من القصة أنه بتشديد النون لأن الجارية أرادت بقولها التجنيس باسم اللعبة، وهو وارد بالتشديد في شعر ابن المعتز كما ترى وإليه مال شارح» القاموس. وعبارته:» والجناباء بالمد والجنابي كسماني مخففا مقصورا هكذا في النسخ التي رأيناها وفي «لسان العرب» بالضم وتشديد النون. ويدل على ذلك أن المؤلف ضبط سماني بالتشديد في (س م ن) فليكن هذا الأصح، ثم أنه في بعض النسخ بالمد في الثاني وكذا في «لسان العرب» أيضا، والذي قيده الصاغاني بالضم والتخفيف ككسالى. انتهى وتتبعه مصححه بأنه سهو منه لأن المؤلف إنما ضبط سماني في (س م ن) بوزن حبارى اه. ونقول: السهو من الشارح في تعيين المادة وكأنه يريد مادة (ح ور) لقول المؤلف فيها» وأحمد بن أبي الحواري كسكارى، وكسماني أبو القاسم الحوّاري، الزاهدان معروفان «وقد ناقشه فيها هناك ولا يبعد أن يكون قوله وكسماني حرفه النساخ عن