أخبار عبد الله بن المعتز
  خفف النميري صلاته وأطال السجود بعدها فقال هو شعرا:
  حدّثني جعفر بن قدامة قال:
  كنت عند عبد اللَّه بن المعتزّ ومعنا النّميريّ، وحضرت الصلاة، فقام النّميريّ فصلَّى صلاة خفيفة جدّا، ثم دعا بعد انقضاء صلاته وسجد سجدة طويلة جدّا، حتى استثقله جميع من حضر بسببها، وعبد اللَّه ينظر إليه متعجّبا ثم قال:
  /
  صلاتك بين الورى نقرة ... كما اختلس الجرعة الوالغ
  وتسجد من بعدها سجدة ... كما ختم المزود(١) الفارغ
  انقطعت عنه بنت الكراعة وكان يحبها فقال شعرا:
  أخبرني الحسين بن القاسم قال حدّثني عبيد(٢) اللَّه بن موسى الكاتب قال:
  كانت بنت الكراعة تألف عبد اللَّه بن المعتزّ، وكان يحب غناءها ويستظرفها ويحبّها ويواصل إحضارها، ثم انقطعت عنه فقال:
  ليت شعري بمن تشاغلت بعدي ... وهو لا شكّ جاهل مغرور
  هكذا كنت مثله في سرور ... وغدا في الهموم مثلي يصير
  كان يحب جارية قبيحة الصورة فاعترض عليه النميري فأجابه بشعر:
  حدّثني جعفر بن قدامة قال:
  كنا عند ابن المعتز يوما ومعنا النّميريّ، وعنده جارية لبعض بنات المغنّين تغنّيه، وكانت محسنة إلَّا أنها كانت في غاية من القبح، فجعل عبد اللَّه يجمّشها ويتعلَّق بها. فلمّا قامت قال له النّميريّ: أيّها الأمير، سألتك باللَّه أتتعشّق هذه التي ما رأيت قطَّ أقبح منها؟ فقال عبد اللَّه هو يضحك:
  قلبي وثّاب إلى ذا وذا ... ليس يرى شيئا فيأباه
  / يهيم بالحسن كما ينبغي ... ويرحم القبح فيهواه
  راسل خزامى فتأخرت عنه فقال شعرا فأجابته:
  أخبرنا الحسين بن القاسم قال حدّثني أبو الحسن الأمويّ قال حدّثني عبد اللَّه بن المعتزّ قال:
  كانت خزامى جارية الضبط المغنّى تنادمني وأنا حدث ثم تركت النبيذ. وكانت مغنّية محسنة شاعرة ظريفة.
  فراسلتها مرارا فتأخّرت عنّي، فكتبت إليها:
  رأيتك قد أظهرت زهدا وتوبة ... فقد سمجت من بعد توبتك الخمر
  فأهديت وردا كي يذكَّر عيشة ... لمن لم يمتّعنا ببهجتها الدّهر
(١) المزود: وعاء الزاد.
(٢) كذا في جميع الأصول هنا. وتقدم في الصفحة الماضية: «عبد اللَّه بن موسى» وذلك أيضا باتفاق الأصول.