كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب زهير وأخباره

صفحة 447 - الجزء 10

  على ذلك أحدا، وقد حمل الحمالة⁣(⁣١) الحارث بن عوف بن أبي حارثة، وقيل بل أخوه حارثة بن⁣(⁣٢) سنان.

  فأقبل⁣(⁣٣) رجل / من بني عبس ثم أحد بني مخزوم، حتى نزل بحصين بن ضمضم. فقال له حصين: من أنت أيّها الرجل؟ قال: عبسيّ. قال: من أيّ عبس؟ فلم يزل ينتسب حتى انتسب إلى بني غالب، فقتله حصين. وبلغ ذلك الحارث بن عوف وهرم بن سنان فاشتدّ عليهما، وبلغ بني عبس فركبوا نحو الحارث. فلمّا بلغه ركوبهم إليه وما قد اشتدّ عليهم من قتل صاحبهم وأنّهم يريدون قتل الحارث، بعث إليهم بمائة من الإبل معها ابنه، وقال للرسول: قل لهم: الإبل أحبّ إليكم أم أنفسكم؟ فأقبل الرسول حتى قال لهم ذلك. فقال لهم الرّبيع بن زياد: يا قوم إنّ أخاكم قد أرسل إليكم: «الإبل أحبّ إليكم أم ابني تقتلونه مكان قتيلكم». فقالوا نأخذ الإبل ونصالح قومنا، ونتمّ الصّلح. فذلك حين يقول زهير يمدح الحارث وهرما:

  أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلَّم

  وهي أوّل قصيدة مدح بها هرما، ثم تابع ذلك بعد.

  قصة زواج الحارث بن عوف ببهيسة بنت أوس وتحمله الدية في ماله بين عبس وذبيان:

  وقد أخبرني الحسن بن عليّ بهذه القصة، وروايته أتمّ من هذه، قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثنا محمد بن إسحاق المسيّبيّ قال حدّثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال:

  قال الحارث بن عوف بن أبي حارثة: أتراني⁣(⁣٤) أخطب إلى أحد فيردّني؟ قال نعم. قال: ومن ذاك؟ قال:

  أوس بن حارثة بن لأم الطَّائيّ. فقال الحارث لغلامه: ارحل بنا، ففعل. فركبا حتى أتيا أوس بن حارثة في بلاده فوجداه في منزله. فلمّا رأى الحارث بن عوف قال: مرحبا بك يا حار. قال: / وبك. قال: ما جاء بك يا حار؟

  قال: جئتك خاطبا. قال: لست هناك. فانصرف ولم يكلَّمه. ودخل أوس على امرأته مغضبا وكانت من عبس فقالت: من رجل وقف عليك فلم يطل ولم تكلَّمه؟ قال: ذاك سيّد العرب الحارث بن عوف بن أبي حارثة المرّيّ. قالت: فما لك لم⁣(⁣٥) تستنزله؟ قال: إنه استحمق. قالت: وكيف؟ قال: جاءني خاطبا. قالت: أفتريد أن تزوّج بناتك؟ قال نعم. قالت: فإذا لم تزوّج سيّد العرب فمن؟ قال: قد كان ذلك. قالت: فتدارك ما كان منك. قال بماذا؟ قالت: تلحقه فتردّه. قال: وكيف وقد فرط منّي ما فرط إليه؟ قالت تقول له: إنك لقيتني مغضبا بأمر لم تقدّم فيه⁣(⁣٦) قولا، فلم يكن عندي فيه من الجواب إلا ما سمعت، فانصرف ولك عندي كلّ ما أحببت فإنه سيفعل. فركب في أثرهما. قال خارجة بن سنان: فو اللَّه إني لأسير إذ حانت منّي التفاتة فرأيته، فأقبلت على الحارث وما يكلَّمني غمّا فقلت له: هذا أوس بن حارثة في أثرنا. قال: وما نصنع به! امض! فلمّا


(١) الحمالة: الدية.

(٢) في «شرح التبريزي» وابن الأنباري على «المعلقات» والأعلم الشنتمري و «شرح ثعلب لديوان زهير»: «وقد حمل الحمالة الحارث بن عوف بن أبي حارثة وهرم بن سنان بن أبي حارثة».

(٣) في الأصول: «فأقبل على رجل إلخ» والتصويب عن المصادر المتقدّمة.

(٤) هكذا في الأصول. ولم يذكر المخاطب الذي كان يحدثه. وباقي القصة يعين أنه خارجة بن سنان.

(٥) في ب، س: «لاستنزله».

(٦) كذا في ج. وفي سائر الأصول: «لم تقدّم مني فيه قولا».