كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب زهير وأخباره

صفحة 450 - الجزء 10

  جامع بالبنصر. وفي الثالث والرابع لابن المكَّيّ رمل صحيح من روايتي بذل والهشاميّ.

  / وفي هذه القصيدة يقول يمدح هرما:

  قد جعل المبتغون الخير من هرم ... والسائلون إلى أبوابه طرقا

  من يلق يوما على علَّاته هرما ... يلق السماحة منه والنّدى خلقا

  ليث بعثر⁣(⁣١) يصطاد اللَّيوث⁣(⁣٢) إذا ... ما اللَّيث كذّب⁣(⁣٣) عن أقرانه صدقا

  يطعنهم ما ارتموا حتى إذا اطَّعنوا ... ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا⁣(⁣٤)

  خرف سنان بن أبي حارثة ثم مات فرثاه:

  ومن مدائحه⁣(⁣٥) إيّاهم قوله يمدح أبا هرم سنان بن أبي حارثة. وذكر ابن الكلبيّ أنه هوي امرأة فاستهيم بها؛ وتفاقم به ذلك حتى فقد فلم يعرف له خبر. فتزعم بنو مرّة أنّ الجنّ استطارته فأدخلته بلادها، واستعجلته لكرمه. وذكر أبو عبيدة أنّه قد كان هرم حتى بلغ مائة وخمسين سنة؛ فهام على وجهه خرقا ففقد. قال: فزعم لي شيخ من علماء بني مرّة أنه خرج لحاجته بالليل فأبعد، فلمّا رجع ضلّ⁣(⁣٦) فهام طول ليلته حتى سقط فمات، وتبع قومه أثره فوجدوه ميّتا فرثاه⁣(⁣٧) زهير بقوله:

  إنّ الرّزيّة لا رزيّة مثلها⁣(⁣٨) ... ما تبتغي غطفان يوم أضلَّت⁣(⁣٩)

  / إنّ الرّكاب⁣(⁣١٠) لتبتغي ذا مرّة ... بجنوب نجد⁣(⁣١١) إذا الشهور أحلَّت

  ينعين خير الناس عند شديدة ... عظمت مصيبته هناك وجلَّت

  ومدفّع ذاق الهوان ملعّن ... راخيت عقدة حبله⁣(⁣١٢) فانحلَّت

  ولنعم حشو الدّرع كان إذا سطا⁣(⁣١٣) ... نهلت من العلق⁣(⁣١٤) الرّماح وعلَّت


(١) عثر: (بتشديد الثاء) اسم موضع باليمن، وقيل: هي أرض مأسدة بناحية تبالة.

(٢) في ح و «الديوان»: «الرجال».

(٣) كذب: أي لم يصدق الحملة. يقال: كذب الرجل عن كذا إذا رجع عنه. يقول: إذا رجع الشجاع عن قرنه ولم يصدق الحملة عليه فهذا الممدوح يصدقها. (عن الأعلم).

(٤) اعتنق: التزم قرنه. يقول: إذا ارتمى الناس في الحرب بالنبل دخل هو تحت الرمي فجعل يطاعنهم، فإذا تطاعنوا ضارب بالسيف، فإذا تضاربوا بالسيوف اعتنق قرنه والتزمه، أي أنه يزيد عليهم في كل حال من أحوال الحرب. (عن الأعلم).

(٥) الأبيات الآتية في الرثاء. والرثاء ضرب من المدح.

(٦) في الأصول: «مثل» وهو تحريف.

(٧) في الأعلم: «وقيل إنما رثى بالأبيات حصن بن حذيفة».

(٨) في أ، م: «بعدها».

(٩) يقال: ضل فلان الطريق وأضل بعيره يقال الأوّل للثابت والثاني لغيره.

(١٠) الركاب: الإبل، والمراد راكبوها. وذا مرة أي ذا عقل ورأي مبرم. وقوله «إذا الشهور أحلت» أي إذا دخلت الشهور التي يحل فيها الغزو.

(١١) في «ديوان زهير بشرح الأعلم» النحوي: «بجنوب نخل».

(١٢) في أ، م: «كبله» والكبل: القيد.

(١٣) في «شرح الأعلم»: «ولنعم حشو الدرع أنت لنا إذا».

(١٤) العلق: الدم.