أخبار النابغة ونسبه
  قالوا: النابغة. قال: فمن الذي يقول:
  أتيتك عاريا خلقا ثيابي ... على خوف تظنّ بي الظنون
  قالوا: النابغة. قال: فمن الذي يقول:
  حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء اللَّه للمرء مذهب
  لئن كنت قد بلَّغت عنّي خيانة ... لمبلغك الواشي أغشّ وأكذب
  / ولست بمستبق أخا لا تلمّه(١) ... على شعث أيّ الرجال المهذّب
  قالوا: النابغة. قال: فهو أشعر العرب.
  أخبرنا أحمد قال حدّثنا عمر بن شبّه قال حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدّثنا عمر بن أبي زائدة عن الشّعبيّ قال: ذكر الشّعر عند عمر؛ ثم ذكر مثله.
  سئل ابن عباس عن أشعر الناس فأمر أبا الأسود بالجواب فذكره:
  أخبرني أحمد قال حدّثنا عمر قال حدّثني عليّ بن محمد عن المدائنيّ عن عبد اللَّه بن الحسن عن عمر بن الحباب عن أبي المؤمّل قال:
  قام رجل إلى ابن عبّاس فقال: أيّ الناس أشعر؟ فقال ابن عباس: أخبره يا أبا الأسود الدّؤليّ: قال الذي يقول:
  فإنّك كاللَّيل الذي هو مدركي ... وإنّ خلت أنّ المنتأى(٢) عنك واسع
  حوار في شعر له في مجلس الجنيد بن عبد الرحمن:
  أخبرني الحسين بن يحيى قال قال حمّاد قرأت على أبي جرير بن شريك بن جرير بن عبد اللَّه البجليّ قال: كنّا عند الجنيد بن عبد الرحمن بخراسان وعنده بنو مرة وجلساؤه من الناس، فتذاكروا شعر النابغة حتى أنشدوا قوله:
  فإنّك كاللَّيل الذي هو مدركي ... وإن خلت أنّ المنتأي عنك واسع
  / فقال شيخ من بني مرّة: ما الَّذي رأى في النّعمان حيث يقول له هذا! وهل كان النّعمان إلا على منظرة من مناظر الحيرة! وقالت ذلك القيسيّة فأكثروا. فنظر إليّ / الجنيد وقال: يا أبا خالد! لا يهولنّك قول هؤلاء الأعاريض(٣)! فأقسم باللَّه أن لو عاينوا من النّعمان ما عاين صاحبهم لقالوا أكثر مما قال، ولكنهم قالوا ما تسمع وهم آمنون.
  كان يجلس للشعراء بعكاظ فمدح شعر الخنساء وحواره مع حسان:
  أخبرني حبيب بن نصر وأحمد بن عبد العزيز قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا أبو بكر العليميّ قال حدّثني
(١) استبقى الصاحب: عفا عن زلله فاستبقى مودّته. ولم الأمر: جمعه وأصلحه. والشعث (بالفتح وبالتحريك): انتشار الأمر وفساده؛ يقال: لم اللَّه شعثه يلمه لما أي جمع ما تفرّق من أموره وأصلحه. وقوله «أي الرجال المهذب» يقول: وأي الناس لا تكون فيه خصلة غير مرضية.
(٢) المنتأي: اسم مكان من انتأى إذا بعد.
(٣) كذا في «الأصول»: ولعلها: «هؤلاء الأعاريب».