كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار النابغة ونسبه

صفحة 6 - الجزء 11

  قالوا: النابغة. قال: فمن الذي يقول:

  أتيتك عاريا خلقا ثيابي ... على خوف تظنّ بي الظنون

  قالوا: النابغة. قال: فمن الذي يقول:

  حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء اللَّه للمرء مذهب

  لئن كنت قد بلَّغت عنّي خيانة ... لمبلغك الواشي أغشّ وأكذب

  / ولست بمستبق أخا لا تلمّه⁣(⁣١) ... على شعث أيّ الرجال المهذّب

  قالوا: النابغة. قال: فهو أشعر العرب.

  أخبرنا أحمد قال حدّثنا عمر بن شبّه قال حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدّثنا عمر بن أبي زائدة عن الشّعبيّ قال: ذكر الشّعر عند عمر؛ ثم ذكر مثله.

  سئل ابن عباس عن أشعر الناس فأمر أبا الأسود بالجواب فذكره:

  أخبرني أحمد قال حدّثنا عمر قال حدّثني عليّ بن محمد عن المدائنيّ عن عبد اللَّه بن الحسن عن عمر بن الحباب عن أبي المؤمّل قال:

  قام رجل إلى ابن عبّاس فقال: أيّ الناس أشعر؟ فقال ابن عباس: أخبره يا أبا الأسود الدّؤليّ: قال الذي يقول:

  فإنّك كاللَّيل الذي هو مدركي ... وإنّ خلت أنّ المنتأى⁣(⁣٢) عنك واسع

  حوار في شعر له في مجلس الجنيد بن عبد الرحمن:

  أخبرني الحسين بن يحيى قال قال حمّاد قرأت على أبي جرير بن شريك بن جرير بن عبد اللَّه البجليّ قال: كنّا عند الجنيد بن عبد الرحمن بخراسان وعنده بنو مرة وجلساؤه من الناس، فتذاكروا شعر النابغة حتى أنشدوا قوله:

  فإنّك كاللَّيل الذي هو مدركي ... وإن خلت أنّ المنتأي عنك واسع

  / فقال شيخ من بني مرّة: ما الَّذي رأى في النّعمان حيث يقول له هذا! وهل كان النّعمان إلا على منظرة من مناظر الحيرة! وقالت ذلك القيسيّة فأكثروا. فنظر إليّ / الجنيد وقال: يا أبا خالد! لا يهولنّك قول هؤلاء الأعاريض⁣(⁣٣)! فأقسم باللَّه أن لو عاينوا من النّعمان ما عاين صاحبهم لقالوا أكثر مما قال، ولكنهم قالوا ما تسمع وهم آمنون.

  كان يجلس للشعراء بعكاظ فمدح شعر الخنساء وحواره مع حسان:

  أخبرني حبيب بن نصر وأحمد بن عبد العزيز قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا أبو بكر العليميّ قال حدّثني


(١) استبقى الصاحب: عفا عن زلله فاستبقى مودّته. ولم الأمر: جمعه وأصلحه. والشعث (بالفتح وبالتحريك): انتشار الأمر وفساده؛ يقال: لم اللَّه شعثه يلمه لما أي جمع ما تفرّق من أموره وأصلحه. وقوله «أي الرجال المهذب» يقول: وأي الناس لا تكون فيه خصلة غير مرضية.

(٢) المنتأي: اسم مكان من انتأى إذا بعد.

(٣) كذا في «الأصول»: ولعلها: «هؤلاء الأعاريب».